مات المجرم شارون.. وعاش ويعيش شارونيون عرب

(القسم الأول)

الدكتور عبد الإله الروي*

ملاحظة: شكا لي بعض الإخوة كثرة المصادر التي أذكرها في مقالاتي فأقول لهؤلاء الأخوة الأعزاء: بأن هنالك ثلاث أصناف من الكتابات، الأول: مقالات لصحافي مطلوب منه أن يكتب يومياً مقالاً في الصحيفة، فهذا الكاتب ملزم باختيار أحد الأحداث المهمة ليقوم بالتعليق عليها وطبعاً لا يطلب منه ذكر أي مصدر. الثاني: منظر كبير يكتب مقالات مطولة أو حتى كتب كثيرة دون ذكر أي مصدر أو، نادراً ما يثبت مصدراً وأمثال هذا الكاتب العبقري الكبير!!! محمد حسنين هيكل. والثالث يكتب مقالات موثقة، وعلى طريقة البحوث الجامعية، وهو ملزم بذكر المصادر وهذه الطريقة الشائكة التي اخترناها ولذا نعتذر في حالة ذكر الكثير من المصادر.

إن ما دفعنا للكتابة في هذا الموضوع هو قراءة مقال في موقع (كنعان) والذي يعدد فيه كاتبه الجرائم الذي قام بها المجرم الكبير شارون، والذي يقول فيه "عاش شارون ومات كصهيوني تماماً وقد يكون مصير الكيان شبيهاً لمصيره، صعود (درامي) دموي، موت سريري ثم موت حقيقي." (عادل سمارة: شارون رأى محدودية الكيان وهو ما لم يره الصهاينة العرب) "كنعان" 12 يناير 2014.

وقد كتبنا في البداية كلمة موجزة لنوضح لكاتب المقال بأن لدينا الكثير من الشارونيين، أي من قاموا ويقوموا بجرائم فظيعة وبشعة، بحق الشعب الفلسطيني وبحق شعوبهم، فلماذا لا نتكلم عنهم؟

ولكني بعد أن كتبت الكلمة رأيت بأن إرسالها للموقع المذكور سيكون دون فائدة لكونهم سيقومون بإهمالها حتماً لكونهم من مساندي السفاح بشار الوحش أو الجحش.

ولذا فكرنا بكتابة هذا البحث.

وقبل أن نبدأ مقالنا وبمناسبة ذكر (مات وعاش) يحلو لنا أن نذكر:-

- قبل استلام حزب البعث للسلطة في العراق قدمت مسرحية في الفضائية العراقية، ولا أذكر عنوانها طبعاً، ولكني أذكر جيداً أحد الآباء يقول لولده: يا ولدي نحن قضينا حياتنا بـ(يسقط ويعيش). وكان هذا المسكين يتصور بأن ولده سيعيش حياة هانئة طبعاً، وهو لم يكن يتوقع بأن الجيل الذي بعده سيعيش الحروب والحصار ثم السنوات العجاف منذ الاحتلال ولحد الآن.

وهو أو أي عراقي لم يكن يتصور أن يصل عراقنا للوضع الذي لا يمكن أن يأتي أسوأ منه، حيث تفتيت العراق والشعب العراقي بعد الاحتلال.

- في إحدى المظاهرات في باريس، أثناء الحرب الإيرانية - العراقية، قال لي أحد الرفاق: لماذا نتعب أنفسنا بالهتافات ولا أحد يسمع أصواتنا حيث أن الناس سيكتفون بقراءة اللافتات، ولذا الأفضل أن (نهوس) "يعيش الله والحسين ويسقط مدير النايحة (الناحية) ضحكت وقلت له: من أين جلبت هذه (الهوسة)؟ قال: أنا لم أخترعها فهي (هوسة) مظاهرة حدثت في جنوب العراق. وأعتقد بأنه ذكر الناحية أو المحافظة.

قلت له ولكن كيف نقول عاش الله لآن الله حي لا يموت. وإن الحسين (رض) استشهد عام 680 ميلادية أي مضى على استشهاده أكثر من 1330 عاما ولا أحد ينكر ذلك فما معنى (يعيش)؟

قال لي: إنها سذاجة وجهل شعبنا ولذا فإن تجار السياسة والطائفيين يستغلون هذه الناحية لتحقيق مصالحهم.

والآن نعود لموضوعنا وسنتكلم فيه عن شارون الصهيوني بصورة موجزة بعدها نعرض جرائم بعض الشارونيين العرب وسيتم تركيزنا فقط على بعض شارونيين سوريا والعراق دون التطرق لأبي رغال السادات أو غيره من الخونة الآخرين.

ملاحظة: عندما بدأنا بكتابة مقالنا هذا لم نكن نتصور بأن هنالك من أطلق لقب شارون على بعض من يطلق عليهم القادة العرب ولكن خلال دراستنا لمجزرة تل الزعتر اكتشفنا بأنه "يقال أن ياسر عرفات صرح: بأن شارون العرب (أي حافظ الأسد) قد حاصرنا من البر، وشارون اليهود قد حاصرنا من البحر." (ذبح أهل السنة من الفلسطينيين واللبنانيين في تل الزعتر عام 1976. على يدي الطاغية حافظ الأسد. "أنا المسلم" 13/8/2008). كما أن الأخ الدكتور وائل الحافظ اعتاد أن يطلق على بشار "بشارون" (مكالمة هاتفية مع الأخ الحافظ يوم 10/2/2014)

ولذا سنقوم بدراسة:-

الفصل التمهيدي: المجرم شارون الصهيوني.

الفصل الأول: شارون سوريا الأب حافظ الأسد.

الفصل الثاني: شلرون سوريا الابن.

الفصل الثالث: شاروني العراق الطالباني والمالكي.

الفصل التمهيدي: المجرم شارون الصهيوني.

لا نرى أي داع لذكر جرائم شارون لكون الدراسات في هذا المجال كثيرة جدا ولذا سيقتصر بحثنا في هذا المجال على:-

أولا: وفاة شارون أم دفنه.

تقول (عشتار العراقية)، وهي محقة، كل الأخبار هذا اليوم تقول لك (مات شارون عن عمر 85 سنة) وهذه كذبة يهودية صرفة، لأن السفاح مات منذ 8 سنوات عن عمر 77 سنة، ولا أدري كيف يمكن إضافة سنوات الموت السريري لأن سنين العمر تضاف للأحياء وليس الأموات!! والأصح أن يقال: دفن الميت شارون هذا اليوم فقط.

لكون شارون أصيب بغيبوبة عقب سكتة دماغية في 5 كانون الثاني (يناير) عام 2006، وتولى وقتها منصب رئاسة الوزراء بدله ايهود اولمرت.

علما بأن الأطباء قد قرروا أن السكتة الدماغية التي أصابته كان سببها بشكل رئيسي جشعه الهائل في الأكل والسمنة.

وفي يوم الأربعاء المصادف 15/9/2010 أعلن موقع "القناة الثانية" للتلفزيون (الإسرائيلي) أن رئيس الوزراء الأسبق آرئيل شارون غادر المستشفى التي كان يرقد فيها منذ كانون الثاني 2006 بسبب غيبوبة تامة أصيب بها منذ 4 سنوات إلى مزرعته في النقب جنوب (إسرائيل).

وأضافت أن الأجهزة الطبية المستخدمة لإبقاء شارون حياً نقلته إلى مزرعة "سيكومور" التي تملكها أسرته قرب قطاع غزة بناء على طلب نجليه أومري وجل آد.

وهيأ جل آد وأومري البيت في المزرعة لاستقبال والدهما بما يتناسب مع حالته ووضعا فيه مصعدا لنقله من الطابق الأرضي إلى الطابق الثاني في المنزل حيث تقع غرفة نوم شارون.

وأشارت صحيفة "يديعوت أحرنوت" إلى أن المزرعة كانت المكان الذي أحبه شارون أكثر من أي مكان آخر، خصوصاً وأنه يوجد فيها قبر زوجته، وامتنع خلال السنوات التي تولى رئاسة الوزراء فيها بين 2001 و2005 عن المبيت في المقر الرسمي لإقامة رؤساء الوزراء في القدس وكان يعود في كل مساء إلى المزرعة. (عشتار العراقية: يدا بيد: أبو جلعاد وأبو قوباد "غار عشتار" 11‏/1‏/2014، وجثة شارون! "غار عشتار" 22‏/9‏/2010. الرابطين:

http://ishtar-enana.blogspot.fr/2014/01/blog-post_6074.html

http://ishtar-enana.blogspot.fr/2010/09/blog-post_22.html)

ثانيا: لماذا الحقد الأعمى على العرب.

1 - لا يخفى على الجميع بأنه لا يوجد أي صهيوني لا يكره العرب ويتمنى إبادتهم، ولكن لشارون الصهيوني سبب إضافي وهو:-

أن أحد العلماء النفسانيين، الأمريكي الجنسية، وهو وليم ليفي، يهودي كشف سر العقدة النفسية التي يعاني منها ارييل شارون تجاه الفلسطينيين وذلك في كتاب صدر في (اسرائيل).

فقد قام ليفي خلال عامين ببحث ونبش ماضي شارون وسبب عدائه وانتقامه من الفلسطينيين فأصبح أحد الطغاة سفاكي الدماء.

وفي مراجعة لأوراق الماضي البعيد للسفاح شارون والتي ترتبط بأنواع الجرائم والعقد النفسية استطاع العالم وليم أن يثبت أن شارون يعاني عقدة نقص الرجولة المتمثلة في فقد احد خصيتيه على يد مراهق فلسطيني أما العقدة الأكبر فهي إحساسه بفقدان رجولته أمام كل عربي فلسطيني تدفعه إلي شهوة الدماء وسفكها.

أما سبب هذه العقدة فقد كشف عنها العالم النفساني بتعرض شارون وهو في الـ14 من عمره لحادث اغتصاب انتهك عذريته فيها رجل عربي واستخدمه أكثر من مره مما أدى إلى ترسب العقدة في أعماقه وإحساسه بالدونية أمام كل عربي فلسطيني.

بعد أن انتهى ليفي من الكتاب الذي كشف سر شارون وأرسله إلي المطبعة اختفى ليفي من (إسرائيل) في ظروف غامضة كما اختفى الكتاب بعد طبعه، وان كانت قد تسربت منه نسخ عديدة تبين أن فصول الكتاب من الصفحة 112 إلى الصفحة 145 وهو الفصل الخاص بحياة شارون مما تحرز عليه المؤلف فسلم عددا من نسخ الكتاب إلى صديقته الأمريكية "ماتيلدا" والتي أثارها اختفاء ليفي واتهمت شارون انه وراء اختفائه واختفاء الكتاب من المطبعة.

وأكدت اغتصابه من قبل رجل عربي لأكثر من مره، حتى أصبح مدمنا على الجنس السلبي مع الرجال بعد أن تحولت حالته إلى حاله مرضية، مما أدى إلى ازدياد كراهيته للعرب يوما بعد يوم وتحول إلى انتقام دائم من أطفال فلسطين. (عالم أمريكي: يكشف سبب كره شارون للعرب. "شبكة البصرة" 6/1/2014)

2 - في مقابلة، باللغة الفرنسية، مع (Amos Oz) يقول المجرم شارون: (1)

"في هذا اليوم، أيضا، أنا مستعد ومتطوعاً للقيام بهذا العمل القذر لصالح (إسرائيل)، لقتل أكبر عدد من العرب بقدر ما أستطيع، ولتهجيرهم، ولطردهم خارج الكيان، ولحرقهم، وأعمل كل ما يدفع العالم لاحتقارنا، ولسحب البساط من تحت أقدام يهود الشتات، ليرغموا على الجري نحونا وهم يبكون.

وحتى إذا احتجنا لنسف واحد أو اثنين من السنغوغات هنا وهناك، وكل هذا عندي سيان عندما يكون العمل قد أنجز، ضعوني أمام محكمة نورمبورغ (2) وبعدها ضعوني في السجن مدى الحياة.

أعدموني، إذا أردتم، كمجرم حرب. (...) سأعمل كل ما بوسعي في سبيل تفاقم ونمو مناهضة السامية. "(3)SHARON EN 1982:"JE FERAI TOUT CE QUE JE POURRAI POUR ACCROITR) L'ANTISEMITISME! " HTTP://MAI68.ORG/SPIP/SPIP.PHP?ARTICLE6549)

1 - المقال باللغة الفرنسية.

2 - مدينة في ألمانيا والتي تم فيها محاكمة مجرمي النازية.

3 - بقدر ما تتوسع ما يطلق عليها (مناهضة السامية) فأن أي شخص لا يستطيع كشف جرائم الكيان الصهيوني. ففي فرنسا مثلا لا يستطيع أي إنسان ذكر الكيان العنصري بسوء وإلا أتهم بكونه مناهض للسامية. ولذا فإن من مصلحة الكيان الصهيوني نمو وتوسع مقولة (مناهضة السامية). كما أن شارون يريد من وراء ذلك إرغام اليهود المقيمين في أمريكا وأوربا ليهاجروا إلى الكيان المسخ.

ثالثا: محاكمة شارون.

إن منظمة (هيومان رايتس) أعلنت أسفها لوفاة شارون قبل أن يواجه العدالة خصوصا عن مجازر صبرا وشاتيلا في لبنان عام 1982.

وقالت (سارة ليا ويتسون)، مديرة "شؤون الشرق الأوسط في المنظمة" في بيان: "من المؤسف أن يذهب شارون إلى قبره من دون أن يواجه العدالة عن دوره في (مجازر) صبرا وشاتيلا وانتهاكات أخرى".

وأضافت: "رحيله تذكير قاتم آخر بأن سنوات من الإفلات من العقاب عن انتهاكات الحقوق لم تفعل شيئاً لجعل السلام بين (الإسرائيليين) والفلسطينيين أقرب، فوفاة شارون من دون مواجهة العدالة، تزيد من مأساة الآلاف من ضحايا الانتهاكات التي قام بها. (هيومان رايتس ووتش: نأسف لوفاة شارون قبل محاكمته على مجازره.) "وطن" السبت، 11 كانون2/يناير 2014.

وهذه نعتبرها نكتة سمجة، فأين كانت هذه المنظمة وغيرها من المنظمات الإنسانية!!! وما يطلق عليها الأمم المتحدة من محاكمته عندما كان رئيسا لوزراء الكيان المسخ وقبل إصابته بمرضه الأخير؟ وخصوصا بأن تاريخ مرضه كان عام 2006 والجريمة تمت عام 1982.

ولكن هل من الممكن، حقيقة وواقعيا، محاكمة شارون أو أي من مسؤولي الكيان المسخ؟

في الواقع ورغم الجرائم الكثيرة التي قام بها هذا الكيان منذ غرسه في قلب الوطن العربي ولحد الآن لم تتم أية محاكمة لهذا الكيان أو لأي من مسؤوليه.

ودون الدخول في تفاصيل سنذكر:-

1 - رفضت محمكة ابتدائية في ولاية قيصري التركية، دعوى مرفوعة ضد (إسرائيل) تطالب بتعويض قدره نحو 1.9 مليون دولار، من أجل التركي فرقان دوغان، الذي فقد حياته أثناء الاعتداء (الإسرائيلي) على سفينة "مرمرة الزرقاء" التي كانت متوجهة لكسر الحصار على غزة عام 2010.

وأوضح أحد محامي القضية، أوغور يلدريم، في مؤتمر صحافي، أن القاضي رفض الدعوى في الجلسة الأولى بحجة أنه لا يمكن محاكمة (إسرائيل)، مؤكدا ضرورة أن ‘لا تفلت أي دولة ظالمة مثل (إسرائيل)، من المحاسبة على ظلمها.

وشدد المحامي على ضرورة، أن "لا تنظر أي محكمة في العالم إلى القضايا المرفوعة ضد (إسرائيل) الظالمة، بحكم مسبق مفاده أنه لا يمكن محاكمتها"، منوها بأن قرار المحكمة الابتدائية اليوم، قابل للاستئناف، معرباً عن ثقته التامة بأن المحكمة العليا ستلغيه.

وكانت قوات (كوماندوز)، تابعة للبحرية (الإسرائيلية)، هاجمت سفينة "مرمرة الزرقاء"، أكبر سفن "أسطول الحرية"، الذي توجّه إلى قطاع غزة لكسر الحصار منتصف العام 2010، وعلى متنها أكثر من 500 متضامن معظمهم من الأتراك، في عرض المياه الدولية، في البحر المتوسط، باستخدام الغاز والرصاص الحي، ما أسفر عن مقتل تسعة من المتضامين الأتراك وجرح 50 آخرين.) (محكمة تركية ابتدائية ترفض دعوى ضد إسرائيل. "الأناضول" 27/1/2013.)

2 - يقول أحد الكتاب الغربيين، بمناسبة الغزو الصهيو – أمريكي للعراق عام 2003، ما يلي: في الوقت الذي كان فيه بلير، يلعن العراق بسبب أسلحة كيماوية عجزت زرافات المفتشين عن العثور عليها، وافق وبكل بساطة، على بيع أسلحة كيماوية إلى (إسرائيل)، تلك الدولة الإرهابية والمارقة، بحسب أي قاموس يبحث في معاني هاتين الكلمتين.

وفيما كان بلير يتهم العراق بتحدي الأمم المتحدة، نراه صامتاً إزاء 64 قرارا اتخذتها الأمم المتحدة هذه وتجاهلتها (إسرائيل) كليا – وهو رقم قياسي عالمي.

إن الإرهابيين (الإسرائيليين)، الذين يخضعون أمة بأسرها ويمارسون التعذيب الوحشي ضدها، مدمرين البيوت والحوانيت، نافين السكان وقاتليهم ومعذبيهم بشكل ممنهج يوميا (حسب تقارير منظمة العفو الدولية).

ويضيف: ليس ثمة من يقترح في الوقت نفسه أن على القوات البريطانية المتوجهة إلى الشرق الأوسط أن " تتدخل " في " جمهورية الخوف " التي خلقتها (إسرائيل).. وليس ثمة من كلمة حول أسلحة الدمار الشامل التي لا يكف شارون عن التغني بوجودها لديه عندما يقول: "العرب قد يكونون مالكين للنفط.. لكننا نحن نملك عيدان الثقاب".

وأخيرا عندما يذكر الكيان الصهيوني والدول التي تسانده يشير إلى كلمة للباحث المميز في السياسات الدولية (البروفيسور) الراحل هادلي بال الذي يقول: "إنها دولة خاصة، أو مجموعة من الدول، تموضع نفسها عاليا، بوصفها الآمرة الناهية ذات السلطة على الخير المشترك للعالم أجمع، غير عابئة بآراء الآخرين، ما يجعلها تهديدا حقيقيا.. للبشرية". (جون بيلغر: خيانة عظمى. 3/2/2003. من كتاب. دافيد ميلر: أخبرني أكاذيب. الدعاية والتضليل الإعلامي في الحرب على العراق. ترجمة: إبراهيم العريس. أدوكارت "الشرق الأوسط" بيروت. 2007. ص. 27 وما بعدها.

وختاما، لقد ذكرنا في الفقرة السابقة تحدي شارون للعالم بأن يحاكموه أو يعدموه وهو يعلم جيدا بأن جميع الدول المارقة والمسيطرة تخضع لأوامره ولأوامر الصهيونية العالمية. ولكن إلى حين وتنقلب المعادلة إن شاء الله.

الفصل الأول: شارون سوريا الأب... حافظ الأسد.

عندما نتكلم عن الشارونيين العرب علينا أن ننصف شارون الصهيوني وأن لا نتجنى عليه، بالمقارنة مع المجرمين العرب لكون الصهيوني لم يقتل أو يقوم بمجازر ضد ما يطلق عليه "شعبه" أما شارونيونا الأشاوس!!! فأن كافة جرائمهم تقع على كاهل أبناء جلدتهم – العرب أو أبناء وطنهم وأغلبها أو جميعها بدعم مباشر أو غير مباشر من الكيان الصهيوني والتابعين له.

ونبدأ هنا بحافظ الوحش أو الجحش والذي أصبح أسدا على شعبه العربي.

سوف نتكلم بصورة موجزة عن:

أولا: مجزرة أيلول الأسود وشارون الأب.

ثانيا: شارون الأب ومجزرة تل الزعتر

ثالثا: مجزرة حماة.

أولا: مجزرة أيلول الأسود وشارون الأب.

إن شارون سوريا الأب عميل صهيو- أمريكي وليس قائدا للممناعة كما يدعون.

ودون ذكر بيعه هضبة الجولان للكيان الصهيوني أو موقفه المخزي بعد دخول القوات العراقية إلى الكويت وإرساله قوات من الجيش العربي السوري لمساندة القوات الصهو- أمريكية الغازية، سنوضح دوره الرئيس هنا في مجزرة أيلول الأسود فقط.

نبدأ بنقل ما ذكره أحد الأخوة.

أثناء مجزرة أيلول الأسود كان يحكم سوريا كل من السادة نور الدين الأتاسي رئيسا للجمهورية ويوسف زعين رئيسا للوزراء وصلاح جديد أمين سر الحزب.

وقد اتخذت القيادة السورية في حينه قرارا بفك الحصار عن عرفات وأبو إياد الذين كانا محاصرين في الأردن من قبل قوات الملك الراحل الحسين.

وقامت بإرسال مجموعة من الدبابات إلى الأردن والتي وصلت فعلاً إلى أربد، ولكن هذه القوات تم قصفها بالطائرات التابعة للكيان الصهيوني ليلاً، وقد شاهدت (البالونات) التي تنير للطائرات وشاهدت الطائرات أيضاً وهي تدمر الدبابات السورية، وكنت في حينه، آمراً لسرية هندسة تابعة للجيش العراقي في أربد، وكنا في حينه نتعاون مع المقاومة الفلسطينية وحين بدا القتال قمنا بتزويد بعض فصائل المقومة القريبة من معسكراتنا ببعض الأسلحة والعتاد التي بإمكاننا الحصول عليها.

بعد هذه الحادثة مباشرة استاء الأمريكان من النظام السوري ودفعوا حافظ الأسد الأب للقيام بالانقلاب الذي تم يوم 16/11/1970. (هنا ما ذكره لنا الأخ عوني القلمجي من خلال مكالمة هاتفية بتاريخ 30/1/2014، وهو شاهد عيان ونوجه له جزيل شكرنا)

ونضيف نحن بأنه بعد تعرض القوات السورية لهجمات الطيران الأردني و(الإسرائيلي) طلب صلاح جديد من حافظ الأسد إرسال مساندة جوية لكن الأخير رفض وبالنتيجة فشلت العملية، فدعا صلاح جديد إلى مؤتمر طارئ للقيادة القومية في 30 تشرين الأول 1970 (أكتوبر) لمحاسبة حافظ الأسد، ولكن الأسد وفي 16/11/ 1970 قام بما يسمى الحركة "التصحيحية"، فأعتقل صلاح جديد وكافة القيادات البعثية النظيفة. (صلاح جديد يرقي حافظ الأسد إلى لواء ويعينه وزيرا للدفاع وحافظ الأسد يكافئه بالسجن 23 عاما. الرابط

http://www.xebat.com/suriye.htm)

كما أشارت صحيفة "هآرتس" استنادا للوثائق الأميركية إلى أن كيسنجر أبلغ إسحق رابين سفير (إسرائيل) في واشنطن في 20 أيلول (سبتمبر) 1970 عند العاشرة مساء بطلب الملك الحسين، بواسطة السفير البريطاني في عمان، بأن يتدخل سلاح الجو الإسرائيلي لمهاجمة المدرعات السورية التي اقتحمت الحدود الشمالية للأردن.

 وخلال محادثتهما وصلت برقية أخرى صدرت قبل ساعتين من بلوغها بواسطة السفير الأميركي في عمان وجاء فيها "هاتفني الملك الحسين طالبا من الرئيس نيكسون تدخلا عسكريا فوريا برا وجوا للمحافظة على سيادة واستقلالية مملكته".

ونقل السفير عن الملك الحسين – طبقا لما كُشف عنه- طلبه بالتدخل الجوي الفوري من أي جهة كانت، سائلا عن موعد تدخل القوات الأميركية، وأضافت الصحيفة " فهم كيسنجر ضمن محادثة مع وزير الخارجية الأميركي وقتها وليم روجرز أن الملك الحسين معني بعملية جوية (إسرائيلية) وتدخل بري أميركي وعندها فهم روجرز ووافق على ضرورة تدخل (إسرائيلي) وإلا فستنهار المملكة.

وحسب هذه الوثائق فإن هنري كيسنجر، مستشار الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون لشؤون الأمن القومي وقتها، قد حض المسؤولين الأميركيين من أجل فرض الهيمنة على الفدائيين الفلسطينيين في الأردن كي لا تسقط مبادرة أميركية لاتفاقية سلام بين الأردن و(إسرائيل).

وحذر كيسنجر من أن تحرك الملك الحسين ضد الفدائيين دون دعم أميركي سيستدعي تدخلا عراقيا.

ودعا نيكسون لعملية خاطفة وحادة، وطالب بأن تكون ماحقة، محذرا من تورط مع السوريين "الملعونين" بحرب أخرى لمدة ثلاثة أشهر.

وتابع نيكسون "هناك محفزات مركبة تدفع (الإسرائيليين) للتدخل منها السيطرة على أرض"، فقال كيسنجر معقباً: "هم يريدون تلقين سوريا درسا لم يتسن لهم من قبل" فعلق نيكسون من طرفه "يا ليت". 

وأشارت المحاضر التاريخية إلى أن نيكسون طلب أن تصدر (إسرائيل) بيانا بموازاة تدخلها لصالح العاهل الأردني تؤكد فيه خلوها من دوافع احتلال الأرض وضمها ولكن لا مانع لدى نيكسون من سيطرة (إسرائيل) على الأرض في حال تغيرت الأوضاع في الأردن وأن واشنطن ستقبل ذلك بتفهم.

وأوضحت المحاضر التاريخية أنه لم تكن هناك حاجة لتدخل (إسرائيلي) واسع، فقد كان كافياً التلويح بالقوة، وبرفض قائد سلاح الجو السوري وقتها حافظ الأسد وبتغطية المدرعات السورية التي أمر بزحفها الرئيس السوري نور الدين الأتاسي. (وديع عواودة - حيفا: "هآرتس" تكشف وثائق أيلول الأسود. الرابط

http://www.aljazeera.net/news/pages/3452e032-0e01-479b-a62f-7f65d7c1fdaa)

وفعلا فإن شارون الأب رفض إرسال مساندة جوية، وفي الحقيقة كان الأسد في حينه وزيراً للدفاع - والظاهر أنه كان متفق مسبقاً مع أمريكا والكيان الصهيوني على ذلك ولذا لم ينفذ الأمر الذي صدر له من قبل صلاح جديد والأتاسي كما ذكرنا أعلاه.

وعلى ذكر أيلول الأسود نرى من واجبنا أن نوضح بأنه على اثر تلك المجزرة حدثت ضجة بين منتسبي حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق، والجميع يلقون تبعة المجزرة على قائد القوات العراقية في المفرق والأردن السيد حسن النقيب لعدم مساندته للمقاومة الفلسطينية للقضاء على نظام الملك حسين العميل وتحرير الأردن.

على اثر تذمر الجهاز الحزبي المذكور قامت قيادة الحزب بعقد اجتماع موسع للجهاز الحزبي في قاعة الخلد - للأسف لم نتذكر تاريخ هذا الاجتماع - شمل كافة الرفاق ممن هم بمستوى عضو فرقة وشعبة وفرع، وكنا من بين من حضر هذا الاجتماع.

وقد أوضحت القيادة القطرية برئاسة المرحوم أحمد حسن البكر بأن القيادة أوعزت للقوات العراقية بمساندة المقاومة الفلسطينية بكل ما تحتاجه. وإن عدم التدخل العسكري المباشر رفضته القيادة الفلسطينية وعلى رأسها عرفات.

ومن خلال ما ذكرنا أعلاه كان عدم تدخل القوات العراقية بصورة مباشرة خطة حكيمة لأن تدخلها سيؤدي للتدخل العسكري الأمريكي والصهيوني.

قضية أخرى تدل على الخيانة ونكران الجميل التي تحلى بها شارون الأب وبالأخص مع ربيب نعمته صلاح جديد وذلك.

بعد نجاح حزب البعث العربي الاشتراكي في سورية باستلام السلطة يوم 8/3/1963، قام المقدم صلاح جديد الذي كان مدير إدارة شؤون الضباط بإعادة حافظ الأسد إلى الخدمة العسكرية، وفي عام 1964 قام صلاح جديد بترقية حافظ من رتبة رائد إلى رتبة لواء دفعة واحدة، وعين قائدا للقوة الجوية.

وفي 23/2/1966 قامت اللجنة العسكرية بقيادة صلاح جديد ومساندة حافظ الأسد بالانقلاب على القيادة ليستلم صلاح جديد أمانة سر القيادة القومية للحزب وليصبح حافظ وزيرا للدفاع. وهكذا خان شارون الأب ولي نعمته صلاح وأبقاه في السجن 23 عاما وتوفي في السجن في 19 أغسطس 1993 بطريقة غامضة. (صلاح جديد يرقي حافظ الأسد إلى لواء ويعينه.. مشار له وصلاح جديد (1926 - 1993)، سياسي وعسكري من الطائفة العلوية. مشار له.)

وفق قناعتنا بأن تمسك صلاح بالأسد هو لدوافع طائفية لكون كليهما من الطائفة العلوية النصيرية.

ثانيا: شارون الأب ومجزرة تل الزعتر

1 - البداية: (المعلومات التي سنذكرها في بداية هذه الفقرة زودنا بها، أيضا، الأخ عوني القلمجي من خلال مكالمة هاتفية يوم 30/1/2014)

قبل دخول القوات السورية كانت الحركة الوطنية اللبنانية بقيادة كمال جنبلاط والفصائل الفلسطينية بقيادة عرفات قد استطاعت السيطرة على الساحة اللبنانية وكبدت حزب الكتائب وحزب الأحرار خسائر جسيمة واكتسحت المنطقة التي كانا يسيطران عليها (بيروت الشرقية) الأمر الذي دعا مساندي الكتائب للهروب خارج لبنان عبر ميناء جونية بمعدل 100 إلى 150 عائلة يوميا.

وفي هذه الأثناء استلم حافظ الأسد برقية من السلطات الأمريكية بتاريخ 28/10/1975. وتضمنت هذه البرقية إعطاء الضوء الأخضر للرئيس السوري للتدخل في لبنان لإنقاذ جماعة الكتائب من الهزيمة الكاملة.

وعلى أثر هذه البرقية دعا حافظ إلى اجتماع القيادة القومية لحزبه لمناقشة التدخل في لبنان، وقد اعترض على هذا التدخل السيد أحمد العزاوي – أمين سر قيادة قطر العراق وعضو القيادة القومية – الذي قال لشارون سوريا نحن حزب فلسطين فكيف نقوم بقتل الفلسطينيين ؟

وبعد الاجتماع قام السيد العزاوي بإبلاغ كل من السادة عوني القلمجي وجلال الطالباني وعبدالإله النصراوي بما تم في اجتماع القيادة القومية وبأن القوات السورية ستقوم بغزو لبنان للقضاء على الحركة الوطنية والمقاومة الفلسطينية.

وهنا يقول السيد القلمجي: ذهبت إلى لبنان وأبلغت كل من السيدين جورج حبش ونايف حواتمة بما تم في اجتماع القيادة القومية المذكور فقيل لي: لا تستطيع القوات السورية دخول لبنان بهذه السهولة.

وعلى ذكر السيد أحمد العزاوي فإن الأخ عوني القلمجي أوضح لنا كيفية اغتياله من قبل شارون سوريا الأب (من خلال مكالمة هاتفية يوم 3/2/14) حيث يقول:-

بعد خروج السيد أحمد العزاوي من اجتماع للقيادة القومية يوم 25/6/1975، وعند محاولته فتح باب سيارته حدث انفجار، أي أن السيارة كانت مفخخة،

وأصيب السيد العزاوي إصابات بالغة وبقي على أثرها في المستشفى وفي العناية المركزة لمدة 45 يوما، بعدها بدأ يتماثل للشفاء وكان يسير بمساعدة عكازات.

ومن المؤكد فإن كافة الوطنيين وجهوا أصابع الاتهام للقيادة السورية بوقوفها وراء الحادث المذكور.

وفي اليوم التالي لعودة السيد أحمد العزاوي من زيارة إلى المجر أي يوم 10/7/1976 وعند دخوله مكتبه في القيادة القومية ومحاولته فتح أحد مجرات مكتبه حدث انفجار قوي أدى إلى استشهاده.

ونقول نحن يا لخسة شارون الأب على هذه الجريمة النكراء، كما نستغرب عودة الشهيد أحمد العزاوي من المجر وهو يعلم علم اليقين بأن السلطات السورية ستقوم بتصفيته حتما.

وعندما استفسرنا من الأخ عوني القلمجي عن ذلك أجاب قائلا: قبل محاولة الاغتيال الأولى اعترف أحد الأشخاص، وهو حتما من الأجهزة الأمنية السورية، بأن المخابرات العراقية ستبذل جهدها لاغتيال كل من أحمد العزاوي وجلال الطالباني وعوني القلمجي، وقد استغربت لوجود اسمي لأن مسؤول تنظيمنا – حركة القوميين العرب - هو عبد الإله النصراوي.

ولذا حاولت السلطات السورية إلقاء تبعة تفجير السيارة التي أصيب بها العزاوي على المخابرات العراقية.

ونقول هنا حدث العاقل بما يعقل: هل من المنطق أن تستطيع المخابرات العراقية، وفي وضح النهار، تفخيخ سيارة العزاوي وهي مركونة في الموقف المخصص لأعضاء القيادة القومية والذي يقع في داخل مبنى القيادة المذكورة!؟

أما لماذا عاد من المجر يقول الأخ القلمجي: لقد تكلمت مع الأخ أحمد العزاوي، يوم 25/6/1976، وقلت له اذهب إلى أي مكان ولكن لا تبق في سوريا، انقذ جلدك يا أخي. فأجابني: لدي سفرة قريبا وبعد عودتي سأقوم بتصفية بعض القضايا المهمة ثم أغادر سوريا نهائيا. قلت له كم تحتاج من مدة قال: أحتاج شهر قلت له سوف لا يتركوك طوال هذه المدة.

وفعلا فإن شارون سوريا لم يمنحه الفرصة.

ونظراً لطول البحث نتوقف هنا، وإلى القسم الثاني قريبا إن شاء الله.

* الدكتور عبد الإله الراوي - دكتور في القانون محام عراقي سابق وكاتب وصحافي مقيم في فرنسا

18/2/2014

Abdulilah.alrawi@club-internet.fr

تجدون كافة مقالاتنا التي نشرت بعد الغزو على:

http://iraqrawi.blogspot.com