مات المجرم شارون.. وعاش ويعيش شارونيون عرب
(القسم الثاني)
الدكتور عبد الإله الراوي*
2 – بداية الحرب الأهلية اللبنانية.
أ – انطلاق الحرب.
ملاحظة (سيكون بحثنا عن مجزرة تل الزعتر طويل نسبياً وربما مملاً، ولكن الذي دفعنا لذلك هو ندرة المقالات والدراسات عن هذا الموضوع على الشبكة العالمية. فنرجو من القراء الأفاضل المعذرة).
عندما بدأت الحرب الأهلية في لبنان في 13/4/1975 استطاعت القوات الفلسطينية بالتعاون مع القوات الوطنية اللبنانية دحر الكتائبيين وحلفائهم من الموارنة، وألحقوا بهم شر هزيمة، وأطبقت القوات الفلسطينية وجيش لبنان العربي على معظم لبنان.
هذا مما دعا قادة الولايات المتحدة الأمريكية للطلب من عميلهم حافظ الأسد التدخل بالبرقية التي أشرنا لها.
وتم ذبح أهل السنة من الفلسطينيين واللبنانيين في تل الزعتر عام 1976 على يدي الطاغية حافظ الأسد. "شبكة أنا المسلم" 13/8/2008 و الدكتور. مسلم محمد جودت اليوسف: الحرب الأهلية اللبنانية. تاريخ وعبر. الرابط.http://www.saaid.net/Doat/moslem/38.htm)
علما بأن هذه الحرب كانت بين الأحزاب اليمينية اللبنانية المتكونة، بصورة رئيسية، من الموارنة المسيحيين، وبين الأحزاب اليسارية اللبنانية والمكونة غالبيتها من المسلمين،والتي سوندت فيما بعد من قبل المنظمات الفدائية الفلسطينية. (الدكتور نيقولاوس فان دام: الصراع على السلطة في سورية. مكتبة مدبولي – القاهرة. الطبعة الثانية. 1995. ص. 115)
ويذكر أحد الأخوة: إن التدخل الأمريكي-الصهيوني المباشر عام 1974 الذي أفرز "الحرب المؤامرة" التي استمرت حوالي (16) عاماً شاركت بدعمها القوى التي يسمونها "عظمى" ودول عربية مختلفة الاتجاهات الفكرية والسياسية، والتي مات وفقد خلالها أكثر من (200) ألف مواطن إضافة للمعوقين، وانهيار الاقتصاد الوطني اللبناني، بحيث أصبحت عملته الرسمية عالة على المواطن في حملها وعدّها. (فؤاد الحاج: لبنان بلد التناقضات والله يستر من الآت "المحرر" 15/2/2014)
ويؤكد أحد الكتاب بأن هذه الحرب بدأت في يوم 13/4/1975 عندما اقترفت مجزرة (عين الرمانة). ويرى بعض الدارسين أن هذه الحرب ليست (أهلية) بمفهوم الحروب الأهلية كما أنها ليست حربا تدور بين (كل) لبنان وقوى خارجة عنه، ولا بين لبنان (الرسمي) ودولة أخرى. بل هي حرب استهدفت الثورة الفلسطينية وعروبة لبنان.
منذ معركة كفر شوبا، كانون الثاني/يناير 1975، وأحداث صيدا، شباط – آذار (فبراير- مارس) 1975، والثورة الفلسطينية تواجه مؤامرة استعمارية رجعية في لبنان بدأت تكشف عن نفسها في مسلسل مذكرات بيار جميل، وتحرك بعض جيوب القوى المضادة اللبنانية لتتفجر في صراع مسلح بعد مجزرة (عين الرمانة).
وقد أتى تحرك القوى المضادة للثورة هذا ضمن الخط العام لسياسة الاستعمار الأمريكي الهادف إلى إخضاع المنطقة العربية للهيمنة الأمريكية وتصفية القضية الفلسطينية. (نواف عبد الله: حول الأزمة اللبنانية. دراسة في مجلة "شؤون فلسطينية" العدد 56. نيسان/أبريل 1976. ص 57 وما بعدها)
في استعراض تاريخي للحرب الأهلية اللبنانية في عام 1975 يتبين لنا أن العامل الأساس في تفاقم هذه الحرب كان هو انقسام الجيش اللبناني بين قسم مؤيد للمسيحيين وقسم آخر للمسلمين، وقد سبق هذا الانقسام حوادث عدة بين الجيش اللبناني والقوى والشخصيات الإسلامية والوطنية مثل مقتل النائب معروف سعد مؤسس التنظيم الشعبي الناصري في عام 1975 في صيدا بتظاهرة الصيادين على يد عناصر الجيش اللبناني، وقيام الجيش اللبناني بقصف المخيمات الفلسطينية في بيروت بالطائرات، وهو ما دفع الرئيس رشيد كرامي إلى تقديم استقالته، وغير ذلك من الحوادث الأمنية المتفرقة في أكثر من منطقة، ما أوجد جواً من الرفض لسياسة الانحياز التي كان يتبعها الجيش في تلك الفترة، وأوقعه في مأزق الانقسام الطائفي بين اللبنانيين. («معركة عبرا».. هل تكون عِبرة حتى لا يسقط لبنان مجدداً في الحرب الأهلية؟ "صيداويات" 8/6/2013)
ولذا نرى من واجبنا القيام بعرض سريع للأحداث المذكورة لكون الغالبية العظمى من القراء يجهلوها وفق تقديرنا وبالأخص الشباب من غير اللبنانيين.
- أحداث صيدا
بدأت يومي 1 و2/3/1975 حين سادت الاضطرابات في عدة مناطق في لبنان اثر الاشتباك الذي وقع في صيدا احتجاجا على منح امتياز صيد الأسماك لشركة (بروتين) التي يرأسها كميل شمعون ووقوع انفجارين في بعض مناطق بيروت.
وفي 5-7 من نفس الشهر قام الصيادون بمظاهرات وحدثت صدامات استشهد فيها النائب معروف سعد مؤسس التنظيم الشعبي الناصري.
وعلى اثر ذلك حدثت مصادمات عديدة. (الحرب الأهلية اللبنانية. ثانيا دور اللبنانيين في حربهم الأهلية. و الفصل الثاني الحرب الأهلية اللبنانية. الرابطين
http://www.moqatel.com/openshare/Behoth/Siasia21/HarbLebnan/sec402.htm
http://www.moqatel.com/openshare/Behoth/Siasia21/HarbLebnan/sec10.doc_cvt.htm)
ومقال آخر يذكر: رجت اضطرابات مختلفة في لبنان كان أخطرها مظاهرة الصيادين في صيدا والتي أدت إلى استشهاد الزعيم معروف سعد. والعديد من المناوشات بين المسيحيين والفلسطينيين في مناطق مخيم تل الزعتر والكحالة. ("وكيبيديا" حرب أهلية لبنانية)
وعن صيدا ومعاناتها يقول أحد الكتاب: أكثرها مرارة اغتيال ثلاث شخصيات مرموقة من أبنائها... رئيس حكومة الاستقلال الأول رياض الصلح، رئيس حكومة الاستقلال الثاني رفيق الحريري، و(زعيمها الشعبي) معروف سعد الذي شكل اغتياله شرارة حرب 1975 - 1990. (بيروت ـ من وسام ابو حرفوش: صيدا.. من يصطادها؟! مدينة ما بين النهرين.. بين نارين - "دنيا الرأي" 2/12/2012)
إذا فإن شرارة الحرب الأهلية انطلقت بعد أحداث صيدا وليس بعد مجزرة عين الرمانة.
- مجزرة عين الرمانة
بدأت الكتائب، بمساعدة السلطة اللبنانية، تنفيذ مخططاتها في 13 نيسان/إبريل 1975عندما ارتكبت مجزرة عين الرمانة، (باص) عين الرمانة حسبما أصبح معروفاً، الذي كان يقُلِ 33 راكباً استشهد منهم 22 وبقي 11 شخصاً منهم على قيد الحياة.
ويروي أحد الناجين من المجزرة بقوله: " كنا ننوي العودة إلى تل الزعتر في بيروت الشرقية، ونحن في طريق العودة، وعندما وصلنا إلى أمام الكنيسة في عين الرمانة كان فيه كمين مسلحين جاهز. واحد من ركاب الباص اسمه صلاح سمعته يصيح لأحد المسلحين ويقول لأ. لأ بأعلى صوته، لكن بدون جدوى، المسلح بدأ يطلق النار على دواليب الباص، الباص كان صغير بيحمل 24 راكباً، كان فيه شي تسعة أشخاص واقفين بالباص ما في إلهم محلّ للقعود، اثنين من المسلحين حملوا عامود كهرباء حديد وضعوه في الطريق أمام الباص، أغلقوا الطريق وبلّشو بإطلاق الرصاص من جميع الجهات على الباص، دون إنذار، ثم صعدوا إلى الباص، كان في شيخ معنا بالباص كان بعده حي، سمعته يقرأ القرآن، كان معنا بالباص طفل صغير اسمه صلاح ووالده كانوا بعدهم عايشين، ثم تم إعدامهم داخل الباص". (محمود كلّم: حادثة باص عين الرمانة. "الحوار المتمدن" 14/4/2012) أي أن جميع ركاب الحافلة هم من سكان تل الزعتر.
وفي رواية أخرى: أما الشرارة الحقيقية لبدء الحرب الأهلية اللبنانية كانت في 13 نيسان/أبريل 1975 كان هناك محاولة فاشلة لاغتيال رئيس حزب الكتائب اللبنانية ذو الأغلبية المسيحية بيار الجميّل قام بها مسلّحون مجهولون أثناء قيام الشيخ بيار بواجب اجتماعي في إحدى كنائس عين الرمانة، وأدى هذا الحادث إلى مقتل مرافقه "جوزيف أبو عاصي"، ولاحقاً في ذلك اليوم حصلت المواجهة المسلحة بين أبناء عين الرمانة والبوسطة (الحافلة) التي كانت تقل فلسطينيين عائدين إلى مخيم تل الزعتر بعد مشاركتهم باحتفال في مخيم صبرا. وقد أدّى الكمين الذي نصبه مقاتلو حزب الكتائب إلى مقتل 27 فلسطينياً. سميت الحادثة بحادثة البوسطة والتي كانت بمثابة الشرارة لبدء القتال في كل أنحاء البلاد. بانتشار الخبر، سرعان ما اندلعت الاشتباكات بين الميليشيات الفلسطينية والكتائبية في أنحاء المدينة.
والتي اعتبرت فيما بعد الشرارة المباشرة لاندلاع الحرب الأهلية اللبنانية. ("وكيبيديا" حادثة عين الرمانة)
وفي مقال آخر نقرأ: لقد كانت منطقة عين الرمانة صباح الأحد 13/4/1975 مسرحاً لعمليات تصفية حسابات بين قبضايات الكتائب في المنطقة وبعض سكانها، وكان نتيجة هذه الحوادث سقوط مسؤول الكتائب في المنطقة المدعو «أبو عاصي» على يد أحد سكان المنطقة وعلى إثر سقوط هذا الكتائبي قتيلاً، قامت عصابات الكتائب بالتجمع في المنطقة وصادف في هذه الأثناء مرور الباص الذي يقل عدداً كبيراً من الفلسطينيين واللبنانيين الذين كانوا عائدين من الاحتفال بذكرى معركة الخالصة البطولية.
كيف وقع الحادث:
بينما كانت سيارة الباص التي تقل عدداً من اللبنانيين والفلسطينيين عائدة إلى منطقة تل الزعتر عن طريق عين الرمانة تعرضت لنيران مكثفة من ثلاثة كمائن كتائبية أعدت مسبقاً لهذا الغرض وتحضيراً لمرور الباص الذي كان يقل قرابة 50 مواطناً وما كاد الباص يقترب من الشارع الرئيسي في المنطقة حتى انهمرت عليه رصاصات الغدر الكتائبية، التي أدت إلى سقوط 27 شهيداً وجرح ما يقرب من عشرين آخرين.
ولم تكتف الأيدي المجرمة التي اقترفت هذه المجزرة الرهيبة عند هذا الحد وإنما أجهزت على الجرحى والمصابين منهم بالحراب بأسلوب همجي تماماً كما فعل الصهاينة حينما بقروا بطون النساء والأطفال برؤوس حرابهم في مذبحة دير ياسين.
ولم يكتف الكتائبيون ببشاعة مجزرتهم وإنما ازدادت بشاعتها وغدرها حينما منعت عصابات الإرهاب الكتائبي سيارات الإسعاف التي هرعت إلى مكان الحادث لنقل الجرحى والمصابين إلى المستشفيات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. ("مجزرة عين الرمانة الشرارة التي أشعلت الحرب الأهلية" الرابط http://pflp.ps/note.php?id=161)
– معركة كفر شوبا
قامت مجموعة من قوات المقاومة الفلسطينية في 11 نوفمبر1975 بمهاجمة مركز تل العلم (جبل الروس) في جبل الشيخ المشرف على معظم الجولان ومناطق حاصبيا والقسم الأكبر من أراضي الحولة والجليل ومنطقة جبل الشيخ السورية. واستطاعت المجموعة تطهير المركز من العناصر (الإسرائيلية) الموجودة فيه والعودة إلى قواعدها، وقد اعترف العدو بإصابة أربعة من جنوده.
الرد على العملية
وردا على هذه العملية قامت القوات (الإسرائيلية) في اليوم ذاته بشن هجوم واسع على قرية كفر شوبا في منطقة حصابيا جنوب لبنان بعد أن مهدت لذلك بقصف مدفعي شديد لضواحي هذه القرية والعرقوب. ثم تقدمت باتجاه القرية من ثلاثة محاور ولكنها اصطدمت بمقاومة عنيفة من كمائن قوات المقاومة واستمرت الاشتباكات من الساعة الثامنة مساء حتى منتصف الليل حين انسحبت قوات العدو.
تابعت القوات (الإسرائيلية) بعد انسحابها قصف القرية وضاحيتها بالمدفعية من مواقعها في العباسية وتلة الرمثا وجبل الروس مما أدى إلى انقطاع الكهرباء والماء والهاتف ونسف الطرق المؤدية إلى كفر شوبا. وظلت تحاصر القرية وتقصفها بالمدافع طوال يوم 1 ديسمبر 1975. (وكيبيديا. معركة كفر شوبا و بقلم اللواء مازن عز الدين: من الميدان، الكتيبة الثانية معركة كفر شوبا من أيامها الخالدة. "دنيا الرأي" تاريخ النشر 2014-01-15)
ووفق قناعتنا، إن هذا النجاح الذي حققته المقاومة، اعتبره الكاتب الفلسطيني أحد الأسباب لقيام اليمين اللبناني بمحاولة تصفية المقاومة بقوله " وقد أتى تحرك القوى المضادة للثورة هذا ضمن الخط العام لسياسة الاستعمار الأمريكي الهادف إلى إخضاع المنطقة العربية للهيمنة الأمريكية وتصفية القضية الفلسطينية ". (نواف عبد الله: حول الأزمة اللبنانية.... مشار له)
ولدينا قناعة تامة بأن زعماء الكتائب اللبنانية والذين ساندوهم كانوا يقولون: طالما أن الأردن استطاع أن يخرج المقاومة الفلسطينية ويتخلص منها فلماذا لا نقوم نحن بذلك؟ وخصوصا:
قيام الفلسطينيين بالعديد من الأعمال الفدائية ضد (إسرائيل) مما جعل العالم يعتبر لبنان مرتعا للإرهابيين. ("وكيبيديا" حرب أهلية لبنانية)
- مجزرة الكرنتينا
كانت بيروت الشرقية ذات الأغلبية المارونية محاطة بمخيمات الفلسطينيين المحصنة مثل: منطقة الكرنتينا ومخيم تل الزعتر، وفي 18 كانون الثاني/يناير 1976، قامت الميليشيات المسيحية باقتحام منطقة الكرنتينا ذات الأغلبية المسلمة والواقعة تحت سيطرة منظمة التحرير الفلسطينية والتي كان يسكنها أكراد وسوريون وفلسطينيون وقتلت المليشيات المسيحية 1500 من سكان المنطقة. ("وكيبيديا" مذبحة تل الزعتر)
ومقال آخر يذكر: لعب الإعلام حينها دوراً متطرفاً، تمثّل بإذاعة "صوت لبنان" آنذاك، حيث كان المذيعان المدعوان جوزيف الهاشم (الذي أصبح - لاحقاً - نائباً ووزيراً) وإدمون رزق (الذي أيضاً أصبح - لاحقاً - وزيراً للتربية) ينتهجان مبدأ التحريض المذهبي والطائفي، ويشجعان على ارتكاب المجازر تحت شعار أن " نزلاء الكرنتينا غرباء "، ليسوا بلبنانيين، بل خليط غير متجانس من مسلمي فلسطين وسوريا.
قبل دخول ميليشيا الكتائب اللبنانية، ومن كان معها من مرتزقة، بدأوا بحصار دام حوالي حول كامل، مارسوا خلاله أبشع أنواع الإرهاب، من قنص وقطع أوصال الحياة (كالمياه والكهرباء والخبز والدواء).
كثّفت القوات الغاصبة هجومها في ليل 18 كانون الثاني 1976، مثيرةً زوبعة من الفزع الشديد في أوساط سكان المنطقة، وبدأت مسيرة تساقط الشهداء ولم تنتهي بانبلاج النهار، فصباح يوم 19، شهد اقتحاما مدعوماً بالأسلحة الناسفة والحارقة، حيث نكّل الكتائبيون ومن معهم بالرجال والشيوخ والأطفال، واغتصبوا النساء بأبشع الصور (حتى الحيوان لا يقدم على فعل كهذا). ولم تستشفّ الأحداث أن الكتائبيون كانوا مجرد قتلة، بل تبيّن أنهم كانوا لصوصاً، حيث تمّت سرقة البيوت (خاصة في الشارع المسمّى بشارع الذهب - لكثرة الذهب الموجود بداخل منازل أبنائه من تجّار اللحم)، وبادروا بحرقها لاحقاً حتى لا يكتشف أحد فعلتهم، لكــــن من يستطع حرق عيون شاهدي العيان؟! ومن يستطع أن يحرق الذكرى، ولو بعد تهجّر مديد مرير؟!
كان الكتائبيون ومرتزقتهم يقتلون العزّل في الساحات، ويمثّلون بجثثهم الطاهرة، بقطعها وبتر أعضاء أصحابها، وفقأ أعينهم... ومن أشهر عملية تنكيل، كانت ضحيتها الحاجة الطاهرة ديبة - زوجة الحاج محمد الموسى - حيث قطعوا رأسها، ثم بتروا أطرافها الأربعة، وبادروا بتزيين إحدى الشجيرات بأجزاء جسدها المقطّع، ليرقصوا ويعاقروا الخمر، مزهوين بنصرهم الهمجي. (مجزرة الكرنتينا. المجزرة في سطور. الأربعاء، 23 أبريل، 2008. الرابط: http://karantinamassacre.blogspot.fr)
ب – المؤيدون للغزو السوري والوطنيون المعارضون (القوات المشتركة).
الأحزاب والتنظيمات المؤيدة لشارون الأب (اليمين اللبناني).
القوى التي تسمى يسارية:-
- الصاعقة بقيادة زهير محسن.
- جيش التحرير الفلسطيني بقيادة مصباح البديري.
- حزب البعث اللبناني المرتبط بسوريا بقيادة عصام قانصوه.
جبهة القوى اليمينية اللبنانية:-
- الكتائب بقيادة بيير جميل.
- النمور – القوى المسلحة للحزب الوطني الحر، الوطنيين الأحرار برئاسة كميل شمعون.
- جيش التحرير الزغرتاوي بقيادة سليمان فرنجية.
- حراس الأرز بقيادة الدكتور فؤاد شمالي.
- منظمة الموارنة بقيادة الأب شربل قسيس.
- قوى الكولونيل رشوان بركات – قسم من الجيش اللبناني مع بعض المدنيين الطائفيين.
التنظيمات والقوى الوطنية (القوات المشتركة).
الفصائل الفلسطينية:-
- حركة التحرير الوطني الفلسطيني بقيادة ياسر عرفات.
- جبهة التحرير العربية بقيادة عبد الوهاب الكيالي.
- وحدة عين جالوت من جيش التحرير الفلسطيني.
- الجبهة الشعبية (القيادة العامة).
- الجبهة الشعبية (وديع حداد).
- الجبهة الشعبية الديمقراطية (نايف حواتمة).
- الجبهة الشعبية (دكتور جورج حبش).
التنظيمات اللبنانية:-
- الحزب الاشتراكي التقدمي بقيادة كمال جنبلاط (زعيم الدروز – المسلمين ومسيحيين أرثوذوكس)
- الحزب السوري القومي الاجتماعي بقيادة أنعام رعد.
- الحزب الشيوعي اللبناني بقيادة جورج حاوي.
- الفرق والفئات الناصرية وتضم: تنظيم الإصلاح بقيادة عصام العرب. الاتحاد الاشتراكي: القوى الناصرية – جبهة قوى الشعب العامل (كمال شاتيلا). المرابطون (إبراهيم قليلات).
- حركة 24 أكتوبر بقيادة فاروق المقدم.
هذه هي القوى الفعلية التي أسهمت في المعارك في لبنان منذ 1975. (عديد عصام داويشا سورية والأزمة اللبنانية. عن كراس. دور حافظ أسد التخريبي في لبنان. سلسلة بردى 10 - دار بردى للنشر. دون تاريخ)
3 - مباركة أمريكا والكيان الصهيوني لتدخل شارون سوريا الأب في لبنان.
لم يكن حافظ الأسد سفاحاً للشعب السوري فقط، بل وصل إرهابـه للشعب اللبناني والفلسطيني، وقتل من الفلسطينين في (تل الزعتر) أضعاف ما قتله الصهاينة، واحتل لبنان ليعيث فيها الفساد كما فعل في سوريا.وليتخذ ضباطه من الساحل اللبناني موانئ لبواخرهم التي تنقل المخدرات من منطقة الشرق الأوسط إلى أوربا.
و كانت لبنان الرئة الاحتياطية للمواطن السوري، يتنفس منها عندما تحاول السلطة السورية خنقه، فالسفر إلى لبنان بالبطاقة الشخصية، وحالما يشعر المواطن السوري بزوار آخر الليل (المخابرات) اقتربوا من بيته، يهرب من البيت، وفي الصباح يستطيع السفر إلى لبنان، ومن هناك إلى أي بلد في العالم. وأدرك حافظ الأسد أنه لن يستطيع إذلال الشعب السوري وتجويعه وترويضه، إلا إذا سيطر على لبنان، لذلك بدأ يتدخل في السياسة الطائفية اللبنانية، من أجل السيطرة على لبنـان لإحكام السيطرة على الشعب السوري، وإذلاله وتحقيق ما تريده (إسرائيل).
إن سياسة شارون الأب تمثلت "أنه يضرب المسلمين في لبنان ليتحكم بأوضاعهم ويشدد الطوق حول نشاطهم ويضرب المسيحيين ليشدد من علاقتهم بالكتائب وبقية الأحزاب الانعزالية وليعمق الشرخ الطائفي في لبنان لصالح التجزئة وضد عروبة لبنان. (دراسة في النظام السوري. سلسلة بردى 3 - دار بردى للنشر - دون تاريخ. ص 114)
لكن كيف يستطيع الأسد إرسال قواته إلى لبنان، ويتصرف فيه حسب مصالحه الشخصية والطائفية والعشائرية؟ لابد من موافقة الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، وقد استطاع حافظ الأسد أن يحصل على هذه الموافقة، عندما تعهد بتصفية المقاومة الفلسطينية واللبنانية.
- في (21/1/1976م) تحدث ناطق رسمي باسم البيت الأبيض قال: إن الرئيس فورد تخلى عن معارضته لتدخل عسكري خارجي في لبنان، وإن الولايات المتحدة كان من الضروري عليها، أن تأخذ بعين الاعتبار طبيعة ومآرب سوريا ونواياها.
وبتاريخ (29/1/1976م) تحدث ناطق رسمي باسم الخارجية الأمريكية قائلاً: إن الولايات المتحدة تعترف بأهمية الدور الذي تقوم به سوريا، بالنسبة لتسوية الأزمة اللبنانية.
- ويوم (27/1/1976م) نقلت وكالة اليونايتد برس من واشنطن بأنها كانت تقوم بنقل الرسائل من الكيان الصهيوني إلى سوريا، حول الوضع في الجنوب اللبناني، وقال (فريدريك براون) إننا على اتصال مع حكومات (إسرائيل) وسوريا ولبنان، وإننا نراقب الوضع عن كثب، واعترفت الصحف (الإسرائيلية) بأن اتصالات من هذا النوع قد جرت، وأوضحت أن سوريا أكدت لمسؤولين أمريكيين أن وجود قواتها في الجنوب إنما يستهدف المقاومة واليساريين اللبنانيين. ولهذا وقف اليهود والأمريكان إلى جانب التدخل السوري في لبنان.
- ونشرت صحيفة "الجماهير" الأسترالية أنه في يوم (12/4/1976م) اجتمع في جونية كل من رفعت الأسد و(دين براون) مبعوث الرئيس الأمريكي وعدد من قادة اليمين اللبناني (الكتائب وأمثالها) واتفق المجتمعون على ما يلي:-
1 - دعم ومساندة النظام السوري، وكشف المؤامرات التي تستهدف النظام في دمشق والسماح للمخابرات الأمريكية بتواجد أكثر في سوريا لكشف المخططات المعادية للنظام.
2 - إبقاء المبادرة السورية في لبنان، والاتفاق على إضفاء صفة المشروعية لدخول الجيش الوجود السوري إلى لبنان.
3 - قيام نشاط إعلامي من سورية ومن الدول المؤيدة لأمريكا، من أجل إنجاح الدور الأمريكي السوري المشترك في لبنان.
4 – تنفيذ سورية لتعهدها المتفق عليه مع كيسنجر، بالتمديد الدوري لقوات الطوارئ الدولية في الجولان، والسير بطريق الحل السلمي وفقا للمخطط الأمريكي.
5 - أخذت سوريا على عاتقها وضع المقاومة تحت سلطاتها في مؤتمر جنيف، وضرب اليسار في الداخل والخارج.
6 - تتعهد الولايات المتحدة بعدم تحرك (إسرائيل) على الجبهة السورية، تمكينا لسورية من تنفيذ عملها في لبنان.
ونقلت رويتر في (15/4/1976م) قول كيسنجر – أمام لجنة الاعتمادات في الكونغرس - إن الولايات المتحدة تلعب دوراً رئيسياً في لبنان، وإننا شجعنا المبادرة السورية هناك، وإن الوضع يسير لصالحنا ويمكن رؤية خطوط تسوية.
وبعد خمسة أيام من حديث كيسنجر في الكونغرس الأمريكي، صرح رونالدنيسين الناطق باسم البيت الأبيض للصحفيين قائلا: " إن الدور الذي تقوم به سورية في الوقت الراهن في الأزمة اللبنانية، هو دور بناء وإن الحكومة الأمريكية ستظل تعارض أي تدخل عسكري لدولة أجنبية في لبنان قد يترتب عليه حدوث مواجهة، وإن البيت الأبيض لا يرى التدخل السوري يندرج في هذا الباب، كما أن دين براون يواصل اتصالاته مع جميع الأطراف المعنية عدا منظمة التحرير الفلسطينية.
وبتاريخ 11/5/1976 علقت صحيفة لومانيتيه الفرنسية – الناطقة باسم الحزب الشيوعي الفرنسي، على دور سورية بقولها: " إن دين براون المبعوث الخاص جدا للرئيس الأمريكي جيرالد فورد قد قام بتحريك خيوط هذه العملية من وراء الكواليس، وإن التدخل السوري الذي باركته واشنطن وسمحت به (إسرائيل) لم يؤد إلى تسوية الأزمة اللبنانية بل زادها حدة".
- وصرح موشي دايان لوكالة الصحافة الفرنسية في (5/6/1976م) قائلاً: إن على (إسرائيل) أن تظل في موقف المراقب، حتى لو غزت القوات السورية بيروت واخترقت الخط الأحمر، لأن غزو القوات السورية للبنان، ليس عملاً موجهاً ضد أمن (إسرائيل).
ونقلت إذاعة (إسرائيل) عند بداية التدخل السوري في لبنان تصريحاً لرئيس وزراء الكيان الصهيوني (إسحق رابين) قال: إن (إسرائيل) لا تجد سبباً يدعوها لمنع الجيش السوري من التوغل في لبنان، فهذا الجيش يهاجم الفلسطينيين، وتدخلنا عندئذ سيكون بمثابة تقديم دعم للفلسطينيين، ويجب علينا أن لانزعج القوات السورية أثناء قتلها للفلسطينيين فهي تقوم بمهمة لا تخفى نتائجها الحسنة بالنسبة لنا.
وفي نفس الفترة لمح أبو عرفات عن تواطؤ الولايات المتحدة وحافظ أسد والعدو الصهيوني والانعزاليين على تصفية قوى الرفض بقوله: " لقد علمنا أنه خلال زيارة الرئيس حافظ أسد إلى باريس، بأنه تم لقاء سري سوري - أمريكي، وقد حصل السوريون على موافقة واشنطن لاستخدام كافة الأسلحة من أجل الوصول إلى الجبل وبيروت" - عن كتاب المرحوم كمال جنبلاط: هذه وصيتي. ص 129.
وبتاريخ 9/8/1976 أعلن شلومو فنيري المدير العام لوزارة الخارجية للكيان الصهيوني: إن سورية لم تتعد الخط الأحمر الذي حددته السلطات (الإسرائيلية) كأقصى مدى للتدخل السوري في لبنان، وإن السلطات العسكرية (الإسرائيلية) تتابع الموقف العسكري ساعة بعد ساعة.
- وفي مقال نشر في مجلة "تايم" الأمريكية بتاريخ 8/9/1976، تحت عنوان "(إسرائيل) تشارك في حرب لبنان سرا". ما يلي: إن التفاهم غير المعلن بين (إسرائيل) والنظام السوري، قد وصل حد قيام النظام السوري بسحب قواته العسكرية المتواجدة في الجبهة، ونقلها تدريجيا إلى لبنان وإلى الحدود مع العراق."
كما يتكلم كاتب المقال عن زيارة شمعون بيرز إلى لبنان قائلا: "إن بيرز وصل إلى ميناء جونية بسفينة شحن، أحاطت به زوارق قاذفة للصواريخ، وتم نقله مع طاقم الحراسة من على ظهر السفينة بواسطة طائرة مروحية.
وإن زيارات بيرز التالية إلى لبنان، أصبحت من الأمور العادية، وإن اسحق رابين رافقه في زيارته الثالثة، وإن الاجتماعات مع قادة اليمين اللبناني انتهت بتدخل (إسرائيلي)، وإن كان سريا، في الحرب الأهلية اللبنانية الدائرة رحاها منذ سبعة عشر شهرا، وعملا بالاتفاق لتحرك (إسرائيلي) لإبادة قواعد الفدائيين في جنوب لبنان".
وأضافت المجلة "إن هذه التدابير وضعت (الإسرائيليين) في الجانب الذي يقف فيه النظام السوري بعد تدخله الفعلي إلى جانب القوى الانعزالية، والذي يتحدد بالأساس، بتصفية الفدائيين الفلسطينيين، تمهيدا لفرض تسوية سلمية لصدام الشرق الأوسط، وتقوم (إسرائيل) بفرض حصار يشمل عدة موانئ لبنانية يسيطر عليها الوطنيون، وخاصة مينائي صيدا وصور لمنع وصول الأسلحة إلى الوطنيين والمقاومة.
لقد استطاعت (إسرائيل) بعملها هذا، الحصول على سيطرة فعلية، على شريط من الأرض جنوب لبنان يمتد حتى نهر الليطاني".
وتضيف المجلة "أن عددا من أركان النظام السوري الحاكم حضروا الاجتماع الموسع الأخير، بين شمعون بيرز والقوى الانعزالية في جونية، حيث شجع نجاح المباحثات بيرز، على إمضاء ليلة على ظهر سفينة الشحن التي أقلته إلى لبنان". (حافظ الأسد والمقاومة... مشار له ص. 142 وما يليها)
- ونقلت "الشرق الأوسط" في (18/8/1977م) في تعليق لها على اجتماع الأسد بكارتر في جنيف تقول:
إن عملية إخضاع المقاومة اللبنانية والفلسطينية في لبنان، كانت جزءاً من (استراتيجية) كبيرة، لإضعاف المقاومة ومعارضي التسوية، وقدم كارتر للأسد مكافأته بالاستجابة إلى طلبه والاجتماع به في جنيف بدلاً من واشنطن، كما كان يفعل مع غيره من الرؤساء العرب
(تل الزعتر - لبنان. 1976 الرابط: http://ghrorg.arabblogs.com/12345/%203.html وحافظ أسد والمقاومة الفلسطينية والتسوية. سلسلة بردى (5) - دار بردى للنشر - بدون تاريخ. ص. 118 وما بعدها)
كما أن المرحوم كمال جنبلاط توجه بنداء إلى مؤتمر وزراء الخارجية العرب – نشر في جريدة النداء –بيروت في 9/6/1976 قال فيه: " لا يخفى على أحد موقف التأييد الضمني تارة والمعلن تارة أخرى الذي تتخذه (إسرائيل) حيال الدور الذي يضطلع به النظام السوري في لبنان. فضرب الثورة الفلسطينية هدف صهيوني استعماري يجري تنفيذه اليوم على أرض لبنان".
ويعلق الكاتب بقوله: فلم يلبث حافظ أسد أن اغتاله بعد ذلك بقليل.
وجاء في مقال كتبه هنري كيسنجر في صحيفة "انترنشيونال هيرالد تريبون" في شهر حزيران 1982 ذكر فيه: "على الرغم من الكراهية المتبادلة بين سوريا و (إسرائيل) فإن وجودهما في لبنان يرمي إلى غاية واحدة هي تدمير منظمة التحرير الفلسطينية".
ويعلق الكاتب بقوله: ونحن ندعو القارئ إلى تأمل عبارة "رغم الكراهية المتبادلة" كأسلوب صهيوني صادر عن صهيوني مثل كيسنجر يلحس بلسانه فيه فروة حافظ أسد كما تفعل القطة، من إعلانه الحقيقة بأن مهمة حافظ أسد في لبنان هي تدمير منظمة التحرير الفلسطينية كما تبغي (إسرائيل). فلماذا الكراهية المتبادلة له إذن؟ أليست لتغطية خيانته؟ أليست لتغطية خيانة الأسد وتواطئه مع (إسرائيل)؟. (حافظ أسد: مسيرة الخيانة في سورية. من منشورات التحالف الوطني لتحرير سورية. بدون تاريخ. ص 37 وما يليها)
- وأخيرا علينا أن نذكر بان الولايات المتحدة قامت بمكافأة شارون الأب عن المجازر الذي قام بها في لبنان وعملية تصفية المقاومة الفلسطينية، حيث أدلى، (نوتر) أمام اللجنة الفرعية لمجلس النواب الأمريكي، بقوله: " فلقد أشار المسؤولون السوريون مؤخرا عن قلقهم إزاء استمرار التكاليف العالية للجهود المبذولة من أجل الحفاظ على السلام في لبنان، فتحت هذه الظروف تزداد مساعداتنا الاقتصادية من حيث الأهمية بالنسبة للسوريين إذ بلغ مجموع الدعم الأمريكي لسوريا خلال السنوات 74- 78 حوالي 481 مليون دولار".
علما بأن النظام السوري تلقى أكثر من 600 مليون دولار عام 1976 إثر تدخله في لبنان. (العلاقات الأمريكية السورية. سلسلة بردى. (6). دار بردى للنشر. بدون تاريخ. ص. 38).
3 - العلاقة بين الكتائب ونظام حافظ.
بتاريخ 28/9/1973م ألقى بيار الجميل زعيم حزب الكتائب بياناً في المؤتمر السنوي السادس للكتائب قال فيه: " إننا نلاحظ بفرح وأمل أن الإخوان السوريين (يقصد النظام السوري)، يبدون في هذه الأيام انفتاحاٌ مهماً على ما كانوا يعتبرونه انعزالية ورجعية في تفكيرنا".
وفي 10/9/1974 تم عقد لقاء بين ممثلين عن الكتائب ووفد سوري برئاسة عاصم قانصوه ـ رئيس البعث الأسدي في لبنان ـ وعلق بيار الجميل فقال: " قانصوه صديق قديم، نتعاون معه دائماً لتقريب وجهات النظر بين حزبينا".
ويوم 7/12/1975 زار بيار الجميل دمشق واستقبل فيها كما يستقبل رؤساء الدول، وفي نهاية الزيارة صرح قائلاً: "يوجه حزب الكتائب تحية الشكر والإكبار للرئيس حافظ الأسد، ويعتبر الحزب أن هذه الزيارة تكمل ما بدئ به منذ سنتين، على صعيد توطيد العلاقات مع الشقيقة سوريا ".، وبعد ذلك يصرح عاصم قانصوه: "إن حزب الكتائب أكثر وطنية من بعض الفئات التي تدعي ذلك".
ونشرت "الأخبار" القاهرية في 16/6/ 1976م قول كميل شمعون: " لقد اتفقنا مع سوريا على خطط ترضينا".
وأثناء الحصار، وقبل سقوط تل الزعتر، وصل كميل شمعون إلى دمشق في 9/8/1976م وصرح يقول: أنه يثق ثقة كاملة بالرئيس حافظ الأسد، وأن سوريا هي الدولة الوحيدة التي تستطيع فرض السلام في لبنان.
(حافظ أسد والمقاومة... مشار له. نواف عبد الله: حول الأزمة اللبنانية.. مشار له. ص. 108 وما بعدها والحرب الأهلية اللبنانية. الرابطين المشار لهما)
5 - محاولات القيادة الفلسطينية إقناع شارون الأب لإيقاف نزيف الدم
- في رسالة لياسر عرفات بتاريخ 25/6/1975، وجهها إلى اللبنانيين والفلسطينيين، كشف فيها الأهداف القريبة والبعيدة التي يتوخاها أعداء المقاومة وأعداء لبنان، جاء فيها: " من البديهيات التي لا بد من تكرارها، هي أن ما حدث ويحدث، وما قد يحدث في لبنان – لا قدر الله – ليس في صالح لبنان أو الثورة الفلسطينية، فلبنان لا يمكن أن يستفيد من فتنة تذهب بالأخضر واليابس ن وتقضي على ما حباه الله به من مزايا، والثورة الفلسطينية بالمقابل،تعرف ميدان معركتها الحقيقي، وتقاتل من أجل التحرير، وتناضل في سبيل العلمانية على أرض فلسطين، وتتصدى لشتى أنواع التحديات والمؤامرات.
هذه الثورة لا يمكن هي الأخرى، أن تستفيد من معارك جانبية تستنزف قواها، وتلهيها عن مسارها الرئيسي ومعركتها الحقيقية.
بديهي إذن، أن الفتنة في لبنان تعود بأبلغ الضرر على الشعبين الشقيقين، فلماذا حدث ما حدث والأمر كذلك؟
هل هو مخطط أجنبي ساء أن يرى لبنان ينعم ويزدهر ويقوى ويضع ثقله باتجاه أمتنا العربية؟
هل هو مخطط صهيوني لا يحتمل أن يرى لبنان، بفعل ظروف مؤقتة لا بد أن تزول، أخوة له في السلاح والنضال والمصير؟
هل هي محاولة لإشعال الفتنة بين الشعبين الشقيقين، للتشويش على ما حققه الشعب الفلسطيني في الآونة الأخيرة، من انتصارات حاسمة على الصعيدين العربي والدولي وانتزاعه اعتراف العالم بقيادته وكيانه وبحقه في تقرير مصيره؟
أم هي مساندة (لإسرائيل) التي بدأت تتململ وتتألم، بفعل ضربات ثوارنا المتلاحقة في العمق المحتل؟
لا بد أن نضع في الحسبان، أن هناك مخططا يستهدف ضرب لبنان في وحدته كغاية في حد ذاتها، ويستهدف أيضا ضرب الوطن العربي، من خلال ضرب الوحدة اللبنانية، بغية زحزحة أحد أركان الأمة العربية القائم على التلاحم الإسلامي المسيحي حتى تصاب الأمة بشرخ عامودي مستحدث في بنيانها ". (حافظ أسد.. والمقاومة الفلسطينية... مشار له. ص. 98 وما بعدها)
ويذكر أحد الكتاب الغربين: "فقد تصاعدت حدة المعارك بشكل لم يكن متوقعًا على الإطلاق وتورط السوريون في البداية في مواجهة عسكرية عنيفة مع الفدائيين الفلسطينيين ومليشيات اليسار اللبنانية، وهم الحلفاء التقليديون لنظام البعث وقد كان لهذا الجانب بالذات تأثير مزعج على وضع الأسد داخل البلاد، وارتفعت أصوات المعارضة القوية ضد تدخله في لبنان" (الصراع على السلطة... مشار له. ص. 116)
- يقول كمال جنبلاط في كتابه (هذه وصيتي) في الصفحة (105): نقل عن ياسر عرفات قوله للأسد عند اجتماعه به في 27/3/1976: إن قلب المقاومة ومستقبلها موجود في لبنان، وإن إرهاب الجيش السوري والصاعقة لن يفيد، وإنه يعز علينا أن نصطدم بالجيش السوري ونحن على مرمى مدفعية العدو الصهيوني والأسطول السادس الأمريكي. فكان رد الأسد: "ليس هناك كيان فلسطيني، وليس هناك شعب فلسطيني، بل سوريا وأنتم جزء من الشعب السوري، وفلسطين جزء من سوريا، وإذن نحن المسؤولون السوريون الممثلون الحقيقيون للشعب الفلسطيني".
- ويقول صلاح خلف، أبو إياد يرحمه الله، في مجالسه الخاصة أرسل ياسر عرفات اثنتي عشرة رسالة إلى حافظ الأسد يطالبه بفك الحصار المفروض علينا في بيروت، وعندما لم يتلق جوابـاً أرسل مبعوثاً خاصاً، وبعد أن سلم رسالة عرفات، وعرض عليه سوء الأوضاع وصلف العدو أجاب الأسد: "أنا أريد أن تهلكوا جميعاً لأنكم أوباش".
ويقول صلاح خلف، يرحمه الله: عندئذ أدركنا تآمر الأسد علينا، وأن له أوثق العلاقات مع (إسرائيل) والولايات المتحدة وحزب الكتائب. (حافظ أسد.. والمقاومة... مشار له ص. 98 وما بعدها. وتل الزعتر - لبنان. 1976.. مشار له)
6 - دخول القوات الشارونية إلى لبنان
أ - كان صمود المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية، أمام هجمات الانعزاليين والجيش اللبناني من طرف وغارات العدو الصهيوني الجوية على المخيمات وقواعد الفدائيين وهجماته في الجنوب من طرف آخر، كان ذلك ما يرفع سمعة المقاومة وجبهة الرفض، وكان بالمقدار نفسه يغضب حافظ ويحرجه، على الصعيد الشعبي داخل سورية، وعلى الصعيدين العربي والدولي.
وعلى ضوء هذا الواقع اختار حافظ أسد أن تكون وحدات من لواء اليرموك، هي أول دفعة من القوات التي دخلت إلى سهل البقاع من سورية في الأسبوع الأخير من كانون الأول 1975. واختيار حافظ هذا كان محسوبا بدقة وللاعتبارات التالية:-
- كون الوحدات من لواء اليرموك الفلسطيني، فإن ذلك يخفف من حدة رد الفعل لدى المقاومة وحلفائها، إضافة إلى أن قيادات هذه الوحدات من الضباط، توخى حافظ، أن تكون موالية له.
- إن إدخال هذه الوحدات سيبعدها عن الساحة السورية، سيما وقد ظهرت بوادر تحرك شعبي وجماهيري على الساحة السورية وفي مخيمات الفلسطينيين ضد تحالفات حافظ في لبنان ووقوفه بصف أعداء المقاومة والحركة الوطنية اللبنانية.
- بالإمكان اعتبار إدخال هذه الوحدات عملية ضغط أولى، تسمح بكشف ردود الفعل لدى الأطراف المتصارعة على الساحة اللبنانية، وعلى الصعيدين العربي والدولي كذلك.
ب – بتاريخ 19/12/1976 عبرت الحدود اللبنانية قوات سورية جديدة وبدأت تأخذ مواقعها وفق خطة مرسومة، في البقاع وشمال لبنان وغيرها من المناطق اللبنانية.
بدأت معركة تل الزعتر، أطول معارك الحرب الأهلية وأكثرها خسائر وضحايا منذ شهر كانون الثاني/يناير 1976.
وأدخل حافظ الأسد قواته إلى لبنان في 5/6/1976م، وقوامها 30 ألف جندي، كي يسحق المقاومة الفلسطينية وليعيد السلطة إلى يد الموارنة.
إن البداية كانت من قبل بضع مئات من أفراد (ميليشيا) كميل شمعون التي عاد الكتائبيون بعد خمسة أيام فانضموا إليها بعد تردد بمحاصرة المخيم وذلك بعد دخول الجيش السوري إلى لبنان بعشرة أيام وببديهة الحال، فإنهم انتظروا مبادرة دمشق ليقوموا بهذه المذبحة.
وفي 22 حزيران 1976 بدأ حصار مخيم تل الزعتر الفلسطيني من الجيش السوري والقوات المارونية اللبنانية، وقد تم قطع الماء والكهرباء والطعام عن المخيم ثم تم شن هجوما واسع النطاق على تل الزعتر وعلى التجمعين المجاورين له، جسر الباشا والتبعة وبدأت القذائف والصواريخ تمطر هناك بلا انقطاع من الفجر إلى المغيب وعلى مدى 55 يوما متتالية تقدر عدد القذائف التي سقطت على تل الزعتر بحوالي 55000 قذيفة.
"وبدخول القوات السورية لمساندة اليمين اللبناني خطف حافظ الأسد، من يد القوات المشتركة الانتصار الذي كاد أن يتحقق، ويتحقق معه قيام لبنان عربي ديمقراطي رافض للتسوية، وليحل محله لبنان الممزق بالأحقاد التي عمقها الدم والخراب.
حيث طاردت قوات شارون الأب القوات المشتركة، في البقاع والجبل وفي بحمدون وعكار متابعة طريقها باتجاه بيروت وصيدا، في نفس الوقت وبشكل منسق مع هجمات قوات اليمين اللبناني، على المخيمات الفلسطينية، وعلى النقاط الحيوية في مدينة بيروت التي كانت القوات المشتركة قد أحكمت سيطرتها عليها. (حافظ أسد.. والمقاومة الفلسطينية والتسوية. مشار له. ص. 134)
سقط مخيم تل الزعتر في 14-8-1976، بعد أن كان قلعةً حصينة أنهكها الحصار. فدخلته الكتائب اللبنانية، تحت غطاء حليفها الجيش السوري. (تاريخ يأبى النسيان.... مجزرة تل الزعتر. رسالة فلسطين. 15/8/2012)
وهكذا بعد أن كان تل الزعتر قلعةً حصينة أنهكها الحصار، فدخلته الكتائب اللبنانية، تحت غطاء حليفها الجيش السوري. وارتكبت فيه أفظع الجرائم من هتكٍ للأعراض، وبقرٍ لبطون الحوامل، وذبحٍ للأطفال والنساء والشيوخ ! وكذلك ارتكبوا المجازر والجرائم، من اغتصابٍ وهدم البيوت وإبادة الأطفال وسلب الأموال، في مخيمي (جسر الباشا) و(الكارنتينا) اللذين سقطا بيد الكتائب قبل تل الزعتر.
وعند الانتهاء من سكان تل الزعتر إما قتلاً أو تشريداً، قامت الجرافات التابعة للقوات اللبنانية بتسويته بالأرض والقضاء عليه تماماً، وما زال الدمار في المخيم قائمًا إلى اليوم ولا يسمح بإعادة بنائه، وتشتت سكان تل الزعتر في عدد من المناطق اللبنانية خاصة البقاع وبعلبك، ثم انتقلوا إلى منطقة الدامور الساحلية القريبة من بيروت، إلا أنهم هجروا منها مرة أخرى بعد الاجتياح الإسرائيلي، وانتهى بهم الأمر أن أقاموا مساكن من صفائح التنك على أرض مجاورة لمخيم البداوي وأطلقوا على المخيم الجديد اسم "مخيم تل الزعتر" باعتبار أن سكانه من مهجري تل الزعتر، ويسكن في هذا المخيم بحسب تقدير السكان ما يقرب من ثلاثة آلاف شخص في مساحة ضيقة تقدر بعشرات الأمتار المربعة، وقد حظيت كل عائلة من السكان اللاجئين بمساحة ضيقة لا تكاد تكفي في الحقيقة لغرفة واحدة، وأحيانا تضم هذه الغرفة أكثر من سبعة أفراد، فهي تكفيهم كي يبقوا على قيد الحياة وحسب ولا تعترف وكالة الأونروا بهذا المخيم وتتعلل بأن سكانه هم في الأصل من سكان تل الزعتر ولا تستطيع أن تقدم خدماتها إلا لذلك المخيم الشرعي البائد، في حين يطالب السكان الأونروا بتحسين ظروفهم أو بإعادتهم إلى مخيمهم الأصلي التي ما زالت الوكالة تدفع أجرة أرضه للدولة اللبنانية بحسب مصادر السكان، وأقصى ما حصل عليه سكان المخيم بشق الأنفس من تسهيلات الأونروا أنها التزمت برمي النفايات المنزلية التي يخرجها المقيمون إلى خارج مساكنهم ويتم حرقها في المخيم نفسه (كي لا ننسى: مذبحة تل الزعتر. موقع "بُكرا"، وكالات 12/8/2013)
7 - المجزرة
إبادة جماعية تمت في حق سكان المخيم الذي يقطنه 20 ألف فلسطيني و15 الف لبناني مسلم لجؤوا إليه.،، تم حصاره وتجويع ساكنيه بطريقة همجية ولا يمكن تصور حدوثها في القرن العشرين.
– الحصار والجوع وعدد الشهداء
لقد اختلف في عدد شهداء مجزرة تل الزعتر فهناك من قدر عددهم بـ(3000) (وكبيديا) وعدد قتلى تل الزعتر الفلسطيني 6800 وليس 3000. (غوغول. إجابات). بينما يقول أحد الكتاب: ويقدر عدد القتلى من 9 آلاف إلى 11 ألف. (شفاء عبندة: الأسدان وكذبة النظام الممانع لإسرائيل. "عرب نيوز" 1/6/2011)
ويذكر مقال آخر: معركة تل الزعتر، هي معركة دارت في محيط مخيم تل الزعتر في بداية الحرب "الأهلية اللبنانية"، حيث دارت اشتباكات عنيفة وشرسة وضارية بين (قوات اليمين اللبناني المسيحي والجيش السوري من جهة، ومسلحين الفصائل الفلسطينية المتمركزين في مخيم تل الزعتر من جهة أخرى) وتم محاصرة المخيم من قبل اليمين المسيحي وأخضعت القوى اليمينة المخيم لقصف شديد وحصار دام لمدة 52 يوماًَ وبعدها استطاع المسلحين الفلسطينيين مغادرة المخيم عن طريق الغابات، وكانت في تلك الفترة تسيطر حالة الجوع والعطش على المخيم، فوافق الناس على الخروج من المخيم ومن ثم دخلت جرافات البلدوزر و جرافات D9 وهدمت كل المخيم وقدر عدد القتلى من ناحية الفلسطينيين بـ(2000) قتيل من المدنيين أما المسلحين الفلسطينيين لم يقتل منهم سوى (10)، أما قتلى اليمين اللبناني المسيحي (500) قتيل وخسائر الجيش السوري (78) قتيل ودمر (150) دبابة. ("وكبيديا" مذبحة تل الزعتر. مشار له)
ووفق مصادر أخرى: فقد ذكرت نشرة أخبار راديو بيروت يوم 16/6/1976 "كان أكثر من خمسة عشر ألفا من اللبنانيين والفلسطينيين قد قتل أو جرح خلال المعارك التي دارت مع الجيش السوري جراء قصفه للمدن والقرى اللبنانية "وكانت أرقام الضحايا تتصاعد باطراد مع تصميم حافظ أسد انجاز ما كلف به في أقصر وقت ممكن. (عن كتاب: حافظ أسد والمقاومة.. مشار له ص. 155)
وخلال الحصار الظالم جاع أهل المخيم من النساء والأطفال حتى أكلوا القطط والكلاب!
حيث منعت القوات السورية وصول الطعام والماء والذخيرة إلى المخيم، كما شاركت في الإعدامات وهتك الأعراض والنهب تحت قيادة العقيد علي مدني، قائد الشرطة العسكرية، ومن قبل رجال ما أطلق عليه الحركة التصحيحية.
فعلت منظمة الصاعقة وقوات الردع السورية الأفاعيل في لبنان من نهب المصارف، والسيارات والمخازن والمستودعات.
وطلب الفلسطينيون في تل الزعتر من علماء المسلمين فتوى تبيحُ لهم أكلَ جثثِ الشهداء كي لا يموتوا جوعاً!
وفي ذلك كتب احد الشعراء:
".. والآن تكفِّنُهُ عيني.. فدعوني آكلُ من إبني.. كي أنقذَ عمري.. ماذا آكل من أبني؟!! من أين سأبدأ؟!
لن أقربَ أبداً من عينيه.. عيناهُ الحدُ الفاصل.. بين زمانٍ يعرفني.. وزمانٍ آخر ينكرني.
لن أقرُبَ أبداً من قدميه.. قدماهُ نهايةُ ترحالي.. في وطنٍ عشتُ أطاردُهُ.. وزمانٍ عاشَ يطاردني.
ماذا آكلُ من أبني؟! يا زمنَ العار.. تبيعُ الأرض، تبيعُ العرض.. وتسجدُ جهراً للدولار.
لن آكل شيئاً من أبني يا زمنَ العار.. سأظلُّ أقاومُ هذا العفن.. لآخرَ نبضٍ في عمري.. سأموتُ الآن.. لينبُتَ مليون وليد.. وسطَ الأكفان على قبري.. وسأرسم في كل صباح.. وطناً مذبوحاً في صدري.." (عن مذبحة تل الزعتر - الاهالي طلبوا فتوة شرعية لاكل ابنائهم الشهداء. "وكالة معا الإخبارية" 25/6/2012. الرابط: http://maannews.net/arb/ViewDetails.aspx?ID=498650)
وإلى القسم الثالث من هذا البحث قريبا بعون الله.
* الدكتور عبد الإله الراوي - دكتور في القانون محام عراقي سابق وكاتب وصحافي مقيم
في فرنسا
Abdulilah.alrawi@club-internet.fr
تجدون كافة مقالاتنا التي نشرت بعد الغزو على:
http://iraqrawi.blogspot.com