"حزب الله" مثل "داعش" ...

علي حماده

أهم ما قاله الرئيس سعد الحريري أمس أنه "كما يرفض أن يكون "تيار المستقبل" وقوى ١٤ آذار على صورة "حزب الله"، فإنه بالمقدار نفسه يرفض أن يكون على صورة "داعش" و"النصرة". بهذا الموقف وضع الحريري في شكل أو آخر "حزب الله" في مرتبة التنظيمين المتطرفين، اللذين يكثر الحديث عنهما في الحرب الدائرة في سوريا، باعتبار أنهما موضوعان على لائحة الإرهاب الدولية. وهما يمثلان صلب "البروباغاندا التكفيرية" التي يمارسها "حزب الله" في سياق الدفاع عن سياسته وسلوكياته وارتكاباته التي ما عادت تحصى في لبنان وسوريا. لكن المؤسف في وضع الحريري "حزب الله" في موازاة "داعش" - "النصرة" أنه لا يستطيع إلا أن يجلس مع الحزب في حكومة واحدة! هذه هي الحقائق اللبنانية المؤسفة التي تفرض على الضحية أن تجلس جنباً إلى جنب مع الجلاد، فقط لأن الجلاد تمكن من خطف وعي جمهور مغرر به، واستغلاله في خدمة مشروع ووظيفة يقربان هذا الجمهور من الهاوية يوماً بعد يوماً.

نعم، نحن وكثيرون من جمهور "14 آذار" حزبيين ومستقلين، يرون أن الجلوس مع "حزب الله" أمر سيئ، وأن التعامل مع الحزب المذكور ينبغي أن يكون بعيداً عن التردد، والقفز من موقف إلى موقف. ونحن أيضاً من الذين يعتبرون أن مجرد الجلوس إلى جانب قتلة رفيق الحريري، وسائر الشهداء وصولاً إلى آخرهم محمد شطح هو تنازل كبير ومؤلم ويشبه طعن النفس بسكين.

ولمناسبة مرور تسع سنوات على اغتيالهم رفيق الحريري نعتبر أن التنازل الكبير والمؤلم جداً، أي المشاركة في حكومة مع "حزب الله"، ينبغي إذا بدا أن لا فكاك منه أن يقترن بثبات في مواقف مبدئية تتعلق أولاً بالتسميات، أي أن لا يتنازل "تيار المستقبل" عن تعيين اللواء أشرف ريفي وزيراً للداخلية أياً تكن الظروف، وأن لا يأتي تمثيل قوى ١٤ آذار وبينها "تيار المستقبل" ضعيفاً بانتداب شخصيات لتولي حقائب وزارية جرت تجربتهم في السابق وتميزوا بحماستهم لخدمة مصالح "حزب الله" وأتباعه بسبب ضعفهم. وهنا ندعو المعنيين بالتوزير إلى سحب أسماء لا طعم لها ولا لون. فلقد قدمنا ما يكفي من الشهداء والتضحيات كي لا نرضى بأن نتمثل بـ"خصيان" في السياسة والمواقف.

أمر آخر، على الرغم من تعثر المساعي لتشكيل الحكومة بسبب معارضة "حزب الله" توزير اللواء ريفي، فإننا ندعو في حال تشكلت الحكومة إلى موقف صلب في ما يتعلق بما يسمى ثلاثية "الجيش والشعب والمقاومة" المرفوضة، إذ نعتبر أن لا مقاومة في لبنان، بل حزب فاشيستي مافيوي مذهبي ينبغي ألا يكون الجلوس المفروض فرضاً معه مناسبة للاستسلام له لا في المبادئ ولا في الممارسة اليومية للمسؤولة الحكومية. هنا نعود إلى ما قاله سعد الحريري في مقابلته الأخيرة في التلفزيون، حيث وصف المشاركة في حكومة مع "حزب الله" بأنه "ربط نزاع". هذا معناه أن المواجهة مستمرة حتى لو جلس الأحرار إلى الطاولة نفسها مع القتلة.

"النهار" بيروت 15/2/2014