ماذا بعد إعلان الإخوان المسلمين "منظمة إرهابية"؟

القاهرة - وكالة الصحافة العربية من: صفية الدمرداش

جاء قرار رئيس مجلس الوزراء د. حازم الببلاوي، بإعلان جماعة الإخوان المسلمين وتنظيمها جماعة إرهابية في الداخل والخارج وحظر جميع أنشطتها بما في ذلك حقها في التظاهر وفقاً لنص المادة 86 من قانون العقوبات وكل ما يترتب على ذلك من آثار، رداً على مطالب القوى السياسية والشعبية عقب تفجير مبنى مديرية أمن الدقهلية الذي أدى لسقوط عدد من القتلى والمصابين بمحيط موقع الحادث وإعلان الجماعات المتطرفة مسؤوليتها عن وقوعه.. وتوالت ردود الأفعال السياسية والحزبية حول أهمية هذا القرار الذي رحبت به الأحزاب المدنية باعتباره بداية تفعيل دور الحكومة الحالية في مواجهة الإرهاب الموجه ضد الدولة. في حين تخوف آخرون من ردود الجماعة المحظورة على هذا القرار بالتصعيد لمزيد من العنف.

د. أحمد سعيد رئيس حزب المصريين الأحرار، أكد أن قرار مجلس الوزراء بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين "جماعة إرهابية" في الداخل والخارج بداية التفعيل الحقيقي لمؤسسات الدولة في مواجهة العنف والإرهاب الذي تمارسه الجماعة المحظورة ضد المجتمع من خلال الضغط على مؤسسات الدولة لرفع أيديها عن القيادات الإخوانية القابعة خلف السجون، إضافة أن هذا القرار يعد بمثابة الإعلان عن الفصل الأخير من نهاية الجماعة المحظورة والفاشية باسم الدين الإسلامي وشعاراته في إخفاء الإرهاب الدموي الذي تحمله جينات قياداتها على مدار التاريخ السياسي في مصر والعالم بأسره. وشدد رئيس حزب المصريين على الحكومة بالاستمرار في حملة التطهير التي يجب أن تنتهي سريعاً للبدء في استكمال مسيرة الديمقراطية السياسية التي خرجت في 30 يونيو 2013 ومطالبها وفقاً لخارطة الطريق المجتمعية بداية من إقرار الدستور الجديد وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية لبناء دولة المؤسسات مرة أخرى.

واعتبر أحمد بهاء شعبان منسق الجمعية الوطنية للتغيير قراراً "تاريخياً" وإن كان قد تأخر صدوره، برغم إعلان الحكومة من قبل قرارها بحظر الجماعة ومنعها من العمل السياسي تأييداً لحكم مجلس قيادة ثورة 23 يوليو 1952 الذي أقر بحل جماعة الإخوان ومصادرة جميع أموالها حكماً نافذاً لا يقبل عليه طعون تهدف لعرقلة تنفيذ هذا الحكم، ورداً على ممارساتها غير القانونية ضد الشعب واستغلال الدين في السياسة، ولكن سرعان ما كشفتا عن وجهها القبيح في استخدام السلاح والعنف ضد المعارضين ومحاولاتها تدمير مقدرات الوطن وإهدار دماء المصريين، لذلك جاء إعلانهم جماعة إرهابية تأكيداً على قرارات سابقة كان يجب على الدولة اتخاذها من أجل مستقبل مصر. مؤكدًا على ضرورة انتهاء الحكومة من إصدار التشريعات والقوانين اللازمة لوضع قرارها موضع التنفيذ ودعوة وزارة الخارجية بصفة خاصة إلى اتخاذ كافة الخطوات والإجراءات لتتبع الأنشطة الاقتصادية والأرصدة لهذا التنظيم الإرهابي وتجفيف مصادر تمويله ومخاطبة الجمعية العامة للأمم المتحدة والإنتربول الدولي بملاحقة جماعة الإخوان الإرهابية وتعقب أنشطتها وعناصرها في الخارج.

فيما وصف د.رفعت السعيد رئيس حزب التجمع السابق، قرار الحكومة بـ(المتأخر)، مؤكداً أنه كان من المفترض أن يتم إصداره في الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة عن وقف الجماعة وحظر جميع أنشطتها إثر أعمال التظاهرات والعنف ضد مؤسسات الدولة العامة والخاصة عقب سقوط المعزول محمد مرسي وتصعيد أعمال العنف فور فض قوات الأمن لتظاهرات أنصار الجماعة في ميداني رابعة العدوية ونهضة مصر. منتقداً موقف الببلاوي من رفضه إعلان الجماعة إرهابية بدعوى حاجة الأوضاع السياسية والأمنية لصدور قانون مكافحة الإرهاب برغم إعلان سياسيين وقانونيين عن قدرة المادة 86 من قانون العقوبات على حظر جميع أنشطة الجماعة وإعلانها حركة إرهابية دون الحاجة لهذا القانون ولكن دون جدوى من الحكومة.

بينما أكد د. مجدي حمدان القيادي بجبهة الإنقاذ الوطني، على أهمية القرار ودوره في قمع ومواجهة جميع أعمال العنف والإرهاب الذي تمارسه المحظورة ضد المجتمع بداية من خروجهم للحياة السياسية في عام 1928 حتى اللحظة الراهنة مرورًا بأصعب مراحل المواجهة بين الدولة وهذه الجماعة الفاشية، خاصة في ظل محاولاتها الاستعانة بالجماعات التكفيرية والمتطرفة في سيناء وحماس لنشر العنف والفوضى والتخريب لصالح المخططات الخارجية التي تهدف من خلالها بعض الدول إلى إسقاط مصر، وذلك بمساعدة التنظيم الدولي للجماعة ودوره في حث أنصاره من دعم التحالف للشرعية التابع للمحظورة على إقامة التظاهرات التي تهدف لتعطيل المرحلة الانتقالية وإفساد عملية التصويت على الدستور الجديد.

وأردف حمدان على ضرورة ملاحقة العناصر الأمنية لجميع أعضاء وقيادات الجماعة داخل وأيضاً إلقاء القبض على جميع التيارات السياسية المتحالفة معها ومؤيديها في الشارع تفعيلاً لهذا القرار الحاسم لمعركة الدولة مع الإرهاب الأسود للمحظورة.

وفي رأي د. محمد أبو الغار رئيس حزب المصري الديمقراطي، أن هذا القرار قرارً غير مسبوق في تاريخ الحكومات المصرية، وإن كان يعكس مدى قدرة الدولة على مواجهة أعمال العنف الموجه ضد المجتمع الذي عانى ويلات حكم الإخوان منذ صعود مرشح الجماعة محمد مرسي لسدة الحكم وحتى عزله عن منصب رئاسة الجمهورية في يوليو الماضي، الذي شهد بدايات كشف الجماعة عن وجهها الدموي ورعايتها للإرهاب الممنهج ضد الدولة ومؤسساتها خاصة الأمنية كما اعتادت المحظورة طوال تاريخها السياسي. مؤكداً على ضرورة استمرار الحكومة في الإجراءات الخاصة بإدراج هذه الجماعة على قوائم الجماعات الإرهابية دولياً للتأكيد للعالم بأن الإخوان في مصر أصبحت جماعة إرهابية مثلها مثل تنظيم "القاعدة". مع ضرورة توجيه الضربات المتلاحقة لجميع أنصار تحالفات دعم الشرعية دون تهاون خاصة ضد تظاهرات الجماعة وفقاً لنصوص قانون العقوبات.

وعبد الغفار شكر رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، وصف هذا القرار بالمحاولة الإيجابية والجادة نحو تجفيف منابع الإرهاب والعنف وحقن دماء المصريين وتخفيف غضب الشعب ضد تصرفات الجماعة الإرهابية ومحاولة تهدئة الرأي العام من ناحية الحكومة الحالية نظراً لتأخرها في اتخاذ مثل هذا القرار من قبل لمواجهة تجاوزات الإخوان خلال الفترة الأخيرة من أجل عدم استقرار البلاد أمنياً وسياسياً، وإن كان تفعيل هذا القرار يتطلب توحيد الجهود لجميع المؤسسات الدينية للأزهر والكنيسة وأيضاً مؤسسات المجتمع المدني وكافة الأحزاب السياسية في توعية المواطنين بخطورة تصعيد العنف والفوضى السياسية على أيدي العناصر الخفية التي تعمل لصالح هذا التنظيم الإرهابي للإخوان سواء في الداخل أو الخارج، كما طالب أيضاً ضرورة عزل جميع قيادات وأعضاء الجماعة من أي عمل سياسي باعتبارهم مخالفين للقانون الصادر على الإخوان المسلمين.

ومن وجهة نظر مغايرة اعتبر د. وحيد عبد المجيد مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، قرار الحكومة بوضع جماعة الإخوان المسلمين حالياً "إرهابية" لا قيمة قانونية له ،باعتباره إعلانا سياسيا جاء ردًا على موجات الغضب المتصاعدة ضد أعمال العنف والتخريب التي تشهدها البلاد خاصة حادث تفجير مبنى مديرية أمن الدقهلية الذي أشعل الغضب في صدور الجميع والمطالبة بإعدام الإخوان أو إدراجها جماعة إرهابية على مستوى المجتمع المحلي والدولي أيضًا، وإن كان حقيقة تطبيق هذا القرار تتطلب فقط قطع الطريق أمام الجماعة في الانخراط في الحياة السياسية مرة أخرى وتوقف الحديث عن المصالحات السياسية والمجتمعية التي يدعو إليها تحالف أنصار دعم الشرعية بين الحين والآخر من اجل التمهيد لإحداث عمليات إرهابية جديدة.

وفي سياق متصل، أكد د.عماد جاد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن قرار الحكومة الذي أصدرته مؤخراً بشأن إعلان جماعة الإخوان "تنظيماً إرهابياً" من شأنه أن يؤدي لمزيد من التصعيد للعنف وعمليات التفجير التي تندلع بين الحين والآخر بصورة مجهولة مستهدفة من ذلك نشر الرعب في قلوب المواطنين خلال الفترة المقبلة مع إرهاق الدولة ومؤسساتها الأمنية عن ملاحقة أنصار الجماعة بعد إصدار قرار الحكومة الذي استقبلته الجماعة بمحاولة تفجير حافلة (أتوبيس) بمدينة نصر، الأمر الذي يعكس ارتفاع مثل هذه العمليات الإرهابية الفترة القادمة لترويع المواطنين وإرباك المشهد السياسي المرتقب أن يخضع لأولى مراحل التطبيق الفعلي للديمقراطية بدءًا من إجراء عملية الاستفتاء على الدستور الجديد في منتصف يناير وإقراره لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وبالتالي يجب على الدولة تكثيف القوات الأمنية في مواجهة شتى محاولات الجماعة الإرهابية وفقًا لموقفهم الحالي بعد إصدار إعلان الإخوان كتنظيم إرهابي.

وأضاف د. طارق فهمي المحلل السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: إن القرار لن يحسم أعمال العنف والإرهاب الذي تمارسه الجماعة والمتوقع له أن يتفاقم الفترة القادمة إن وصل الأمر إلى لجوء الجماعة للانتحار السياسي والتمادي في العنف ضد نفسها أولًا وليس فقط ضد الدولة المصرية. موضحاً أن قرار الحكومة جاء نتيجة للضغوط السياسية والشعبية التي تم ممارستها لإدراج الجماعة كمنظمة إرهابية للتوقف الوهمي عن العنف، وإن كانت حقيقة القرار تكمن في توقف الجماعة عن ممارسة العمل السياسي فقط، ولكن لا يوجد ما يمنعهم من ممارسة الإرهاب المتوقع له التصعيد في مواجهة الاستقرار السياسي والأمني.

الإخوان تتوعد بالرد

وحول موقف أنصار جماعة الإخوان من قرار الحكومة، أكد محمد الدماطي عضو هيئة الدفاع عن الرئيس المعزول محمد مرسي أن قرار رئاسة الوزراء بأن جماعة الإخوان جماعة إرهابية يعد قرارًا سياسيًا متسرعًا وغير مدروس سيأتي بمزيد من النتائج العكسية على البلاد خلال المرحلة القادمة، موضحًا أنه لا يجوز لرئاسة الوزراء أن تصدر قراراً بشأن اعتبار جماعة أو فردا بالإرهابي واقتصار هذا الحكم على القضاء المصري فقط وفقاً لنص المادة 86 من قانون العقوبات، كما أن قرار الإرهاب أو حكم الإرهاب لا ينطبق على جماعة أو فرد، وإنما ينطبق على فعل أو جريمة يطلق عليها جريمة إرهابية يصدرها حكم القضاء وليست الحكومة أو رئاسة الجمهورية.

ويضيف عليه محمد السيسي عضو اللجنة القانونية لجماعة الإخوان المسلمين،أن إعلان الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية سوف يؤدي بدوره لتصعيد الجماعة من موقفها ضد حكومة الانقلاب الحالية حتى إسقاطها من خلال التظاهرات السلمية التي لن تتوقف جماعة الإخوان المسلمين عن تنظيمها. معتبرًا قرار الببلاوي انتقاميا باطلا لصدوره عن دولة تعاني غياب دولة المؤسسات التي تعمل لصالح المؤسسة العسكرية بما فيها مؤسسة القضاء الأمر الذي يعكس بطلان هذا الحكم لما يشوبه من العوار الدستوري الذي يبطل العمل به وعدم قدرته على القضاء على الجماعة ذات التاريخ السياسي الدعوي الذي يمتد لأكثر من 80 عاماً لم تستطع جميع الأنظمة المتعاقبة على حكم مصر القضاء عليها حتى بعد إسقاط الرئيس محمد مرسي الحاكم الشرعي للبلاد عن الحكم، واعتقال عدد كبير من القيادات الإخوانية لإجبارهم على الرضوخ للأمر الواقع وهو "الانقلاب" على الحكم.

واعتبر د. شعبان عبد العليم الأمين العام المساعد لحزب النور السلفي، قرار رئيس الحكومة بإعلان الإخوان المسلمين "منظمة إرهابية" قرارا باطلا لصدوره دون دليل يؤكد تورط جماعة الإخوان في حادث تفجير مبنى مديرية أمن الدقهلية الذي أدى لإشعال غضب الشارع المصري والقوى السياسية التي مارست ضغوطاً شتى على الحكومة لاتخاذ هذا القرار، برغم عدم وجود المستندات والحقائق التي تؤكد أن الإخوان منظمة إرهابية، وبالتالي لن يستجيب أنصار الجماعة لهذا القرار والرد عليه من خلال تصعيد التظاهرات بجميع المحافظات تنديداً لصدوره.

2/1/2014