مبدأ نابليون هو استراتيجية بوتين في أوكرانيا
مع استمرار تصاعد حدة الأزمة بين روسيا والغرب حول منطقة القرم، جنوب أوكرانيا، والتصعيدات الأخيرة من قبل الجانبين برز فيها تواجد ما لا يقل عن 1500 جندي روسي في هذه المنطقة بحسب ما أعلنه ممثل البعثة الأوكرانية في الأمم المتحدة، علينا أن نفهم كيف يفكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وما هي استراتيجيته.
فلاديمير بوتين، يتبع مبدأ نابليون بونابارت القائم على "أولاً أدخل في المعركة، ومن ثم قرر ما عليك فعله."
استراتيجية بوتين ترتكز بالأصل على عدة جوانب، منها السياسة الخارجية، والتي تتكون من ثلاثة مبادئ ضرورية، وهي أن روسيا قوة نووية عظيمة وروسيا قوة عظمى في العالم إلى جانب أن روسيا هي مركز القوة بعد العهد السوفيتي، وهذه الأمور يتفق عليها كل الأنظمة التي حكمت البلاد، وأن الاختلاف يتمحور حول طريقة تعامل هذه الأنظمة مع هذه المبادئ وطريقة تطبيقها.
الطريقة التي أثرت فيها الأحداث على روسيا بوتين، كانت بتوجيهها ضربة قوية إن لم تكن ضربة قاضية إلى مبدأين من المبادئ الثلاثة، وهما مبدأ روسيا "القوة العظمى،" باعتبار أن الغرب قد فاز في أوكرانيا بعد إزالة الحليف (فيكتور يانكوفيتش) عن السلطة، بالإضافة إلى ضرب مبدأ هيمنة روسيا في فضاء ما بعد الاتحاد السوفياتي.
بالنسبة لموسكو، لابد من تخفيف حدة هذا الأثر، قبل أن تصبح تأثيراته غير قابلة للتغيير بعد إعادة رسم خارطة يورو-آسيا بشكل نهائي، وعليه فإن زعزعة استقرار أوكرانيا واحتوائها في سبيل ابعادها عن الحلف الأوروبي تعتبر أهم هدف حالي للسياسة الخارجية والداخلية بروسيا.
بالعودة إلى مبدأ نابليون، فإن ما يقوم به بوتين في أوكرانيا هو زيادة الضغط على أوكرانيا لمعرفة ماذا يمكن فعله وماذا لا يمكن فعله، مع وقفات قصيرة للنظر إلى ردة فعل الغرب، وخصوصاً الولايات المتحدة الأميركية، واستخدام ذرائع كالقلق على أمن العرقية الروسية في أوكرانيا والتي أثبتت عدم جدواها ومن ثم التشكيك بشرعية الحكومة الأوكرانية بالإضافة إلى التدخل العسكري في القرم، وبعد هذه الخطوات وبحسب عادة بوتين فإنه سيتوقف الآن ويقدر ردة الفعل وأن فكرة احتلال القرم بشكل كامل من المحتمل أن تكون الخطوة التالية في حال لم تكن ردة فعل الغرب ذات جدوى.
ما يمكن أن تكون ردة الفعل الغربية؟ يعلم بوتين كما تعلم الولايات المتحدة الأميركية بأن أميركا لن تنخرط في معركة حول أوكرانيا، ومع إقصاء الخيار العسكري عن الطاولة فإن للولايات المتحدة وسائل وإجراءات دبلوماسية واقتصادية أخرى بمتناول يدها. ولا بد لواشنطن وحلفاءها الاهتمام بشكل أساسي على بوتين وعلى النخبة من حوله فيما يتعلق بهذه الإجراءات، بوتين ليس بريجنيف أو ستالين وروسيا ليست الاتحاد السوفيتي والستار الحديدي قد زال إلى جانب أن الإنترنت متوفر والرأي العام مهم.
الخطوات التالية للغرب لا يصعب التنبؤ بها، حيث أن المكالمات الهاتفية بين بوتين والولايات المتحدة الأميركية سيتم استبدالها ببيانات صادرة عن حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، والتي تحذر روسيا من عواقب احتلال أوكرانيا، وأن هذه البيانات ستؤكد على أن روسيا ستقوم بعزل نفسها عن العالم، اقتصادياً وسياسياً وثقافياً الأمر الذي سيترتب عليه نتائج كارثية على الشعب الروسي.
"الجمهورية" بيروت - "سي أن أن" 2/3/2014