مجلس العهر الدولي والعراق

دجلة وحيد

لم نعد نستغرب بعد الآن من سلوكية ودور ما يسمى بـ"مجلس الأمن الدولي" في مؤامرة تقويض الأمة العربية وتشتيت الشعب العربي وتدمير الدين الإسلامي من الداخل بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والحركة الصهيونية العالمية والمد الصفوي. بعد مؤامرة جلب خميني إلى دفة الحكم في طهران عام 1979 لتطبيق أول خطوات التآمر الصهيو-أمريكي-الصفوي الجديد على الأمة العربية والإسلام التي أعدت في الولايات المتحدة في أواسط العقد السابع من القرن الماضي من خلال إشعاله الحرب على العراق عام 1980 التي دامت لمدة ثمانية سنوات من أجل نشر التشيع الصفوي المحرف للدين الإسلامي الحنيف وتفريق المسلمين إلى طوائف متناحرة، أتت الخطوة الثانية بتشكيل أسس تنظيم "القاعدة" من قبل المخابرات المركزية الأمريكية وبمساعدة دول عربية وإسلامية بعد احتلال أفغانستان من قبل الاتحاد السوفيتي السابق عام 1979 ومن ثم حياكة المؤامرة على العراق لتدميره بعد دخوله إلى الكويت عام 1990.

التآمر الدولي على تدمير العراق وتفتيته استمر بعد حرب عام 1991 التي شاركت فيها 36 دولة ومن ضمنها دول عربية وإسلامية وفرض الحصار الجائر عليه وعلى شعبه بقرارات مجحفة صادرة من "مجلس الأمن الدولي"، وفي نفس الفترة الزمنية تم تشكيل خلايا نائمة للأحزاب الشيعية الصفوية الموالية لإيران في العراق ومشاركة الأحزاب الكردية وما يسمى بالمعارضة العراقية في التآمر لحين إشعال الحرب الغير شرعية عليه واحتلال بغداد في 9 نيسان/أبريل 2003 من قبل الولايات المتحدة وحلفائها ومن ضمنهم دول عربية وإسلامية.

خطوات تدمير وتفتيت العراق كوطن وكشعب تم تطبيقها بعد تشكيل مجلس الحكم المحلي من قبل بول بريمر الحاكم المدني الأمريكي للعراق من خلال حل الجيش العراقي الوطني والقوى الأمنية، وحظر نشاط حزب البعث العربي الاشتراكي ومطاردة عناصره، وتمرير الدستور الملغم المسخ الذي ألفه الصهيوني نوح فيلدمان المبني على أسس المحاصصة الطائفية والإثنية والذي يعتبر القاعدة الأساسية لتفتيت الشعب العراقي الى طوائف وإثنيات مختلفة وتقسيم أرضة الى فدراليات أو بالأحرى كونفدراليات على هذا المنوال ومن ثم تسليم العراق إلى إيران وأحزابها الشيعية الصفوية الموالية لها. تطبيق تلك الخطوات وسيطرة الأحزاب الشيعية الصفوية الموالية لإيران على دفة الحكم في العراق وتسيير سياسته الداخلية والخارجية من قبل إيران وبمباركة أمريكية أدى الى تهميش الطائفة السنية وتحجيمها ومضايقتها وسجن المنتمين إليها من الرافضين للعملية السياسية التي جلبها الاحتلال الأمريكي وقتل الكثير منهم على الهوية والاسم من قبل الميليشيات المسلحة التابعة للأحزاب الشيعية الصفوية وإجبارهم على الهجرة الى خارج العراق أو الى مناطق معينة داخل العراق وحرمانهم من الوظائف المهمة.

من أجل تعميق الخلافات بين مكونات الشعب العراقي وتهميش الطائفة السنية واتهامها بالإرهاب أو اعتبارها "حاضنة للإرهاب" في ذلك الوقت خصوصاً بعد فشل الجيش الأمريكي في القضاء على المقاومة العراقية المسلحة، تم تفجير المرقد العسكري في سامراء من قبل عناصر تابعة للمخابرات الإيرانية "إطلاعات" وبمشاركة "الموساد" الصهيوني وبمباركة أمريكية، واتهام تنظيم "القاعدة" المحسوب على الطائفة السنية بعمل ذلك العمل المشين وذلك لإشعال الحرب الطائفية الأهلية داخل العراق.

لقد نجحت تلك المؤامرة وحدث الاقتتال وهدمت كثير من الجوامع السنية أو تم السيطرة عليها من قبل المليشيات الشيعية الصفوية. لقد استمر تهميش الطائفة السنية منذ ذلك الحين وإلى يومنا هذا على الرغم من دخول البعض من المحسوبين على هذه الطائفة في العملية السياسية والانتخابات المزورة التي جلبت الطائفي المقيت والعميل المزدوج نوري المالكي لرئاسة الوزراء الذي لم يدخر وسعاً في إبراز عمالته إلى إيران وأمريكا وإتباعه بذلة مفرطة توجيهات الحاكم المطلق لإيران الصفوية علي خامنئي وعدائه وحقده الدفين على الطائفة السنية وتمرير أجندات التحالف المخفي والمعلن بين أمريكا وإيران والحركة الصهيونية العالمية التي تبغي إلى تقويض مكونات وكيانات الأمة العربية.

الاحتجاجات والاعتصامات الشعبية السلمية ضد الفساد وممارسات حكومة المالكي القمعية والطائفية التي حصلت في شباط عام 2011 في بغداد وغيرها من المحافظات العراقية جوبهت بقوة السلاح وإرهاب الدولة وميليشياتها الشيعية الصفوية الإرهابية المسلحة وقتل فيها من قتل واعتقل من اعتقل، وبنفس المنطق لقد هددت هذه الحكومة العميلة في عام 2013 الاعتصامات والاحتجاجات الشعبية السلمية في محافظة الأنبار بأنها ستمارس نفس الأسلوب ضدها إن لم تفض الاعتصامات وقد توج ذلك التهديد بمجزرة الحويجة التي حصلت في أبريل/نيسان من العام الماضي على مسمع ومرأى الأمم المتحدة و"مجلس الأمن الدولي" دون أن يصدر هذا المجلس التآمري العقيم المسير من قبل الولايات المتحدة أي قرار ضد جرائم حكومة المالكي العميلة.

قبل نهاية عام 2013 هدد العميل المزدوج نوري المالكي المعتصمين في الفلوجة والرمادي بالقيام بعمل مسلح ضدهم في حالة عدم إنهاء اعتصامهم الذي دام لمدة سنة ضد سياسته الطائفية القمعية ورفع الخيم من ساحات الاعتصامات بحجة "الإرهاب وحماية الإرهابيين" من عناصر ما يسمى بتنظيم "داعش – الدولة الإسلامية في العراق والشام" الافتراضي التابع لتنظيم "القاعدة" الذي شكلته المخابرات السورية لمجابة الثوار السوريين والذي يدعى بأنه دخل محافظة الأنبار من سوريا. يقال أن جيش المالكي "حارب" عناصر هذا التنظيم في صحراء الأنبار ويدعى أن قسماً منهم التجأ إلى أماكن الاعتصامات في الفلوجة والرمادي وبقى فيها تحت حماية المعتصمين من أبناء العشائر.

لقد استجاب المعتصمين في الفلوجة الذين وصفهم المالكي بـ"الفقاعات النتنة" لتهديده برفع الخيم من ساحات الاعتصامات وإنهاء الاعتصام "مكرهين" بعد اتفاق حصل بين قادة الاعتصامات وحكومة المالكي على إثر احتجاز أحد الداعمين لهذه الاعتصامات وهو أحمد العلواني النائب في البرلمان العراقي وقتل أخيه وزوجة أخيه والبعض من حراسه وعلى شرط أن لا يدخل الجيش العراقي إلى مدينة الفلوجة وإطلاق سراح أحمد العلواني. على الرغم من استجابة المعتصمين ورفع خيمهم من ساحات الاعتصامات إلا أن العميل نوري المالكي نقض عهد الاتفاق وهاجم مدينتي الرمادي والفلوجة بجيشه الميليشياوي الذي كان محتشداً قرب المدينتين بدباباته وعرباته المصفحة لغرض سيطرته على محافظة الأنبار وتحييدها ولكسب الرأي العام الداخلي والعالمي بحجة محاربة الإرهاب والغرض الأول والأخير من عملياته القمعية الإجرامية ضد أبناء شعبنا هو محاولته الفوز في الانتخابات القادمة وإدامة سيطرته الصفوية على الحكم خدمة لأسياده في واشنطن وطهران. ولهذا فقد تصدى له ولجيشه الميليشياوي الطائفي أحرار العراق في محافظة الأنبار وأفشلوا مخططه الفاقع.

بدلاً من أن يدان العميل نوري المالكي على فعله الإجرامي على أبناء محافظة الأنبار، ووصف حربه بـ"حرب أحفاد الحسين على أحفاد يزيد"، فإنه قد تلقى دعماً سياسياً وتسليحياً من أسياده في واشنطن وطهران لاقتراف مجازر جديدة في هذه المحافظة العصية بحجة "محاربة إرهاب القاعدة". وقد تلقى أيضاً دعماً سياسياً من فرنسا ودول الإتحاد الأوربي وكذلك من روسيا ورئيسها فلادمير بوتن الداعم لنظام المجرم بشار الأسد في سوريا والحليف الأليف لنظام ملالي قم وطهران لأسباب تاريخية ترجع الى دعم بعض الدول العربية لثوار الأفغان ضد الاحتلال السوفيتي لبلادهم وكذلك بسبب مشاكله مع التنظيمات الإسلاموية في الجمهوريات الإسلامية في الإتحاد الروسي خصوصا في جمهورية الشيشان. الصين أيضاً دعمت العميل نوري المالكي بحجة "محاربة الإرهاب" بسبب مشاكلها أيضا مع الحركات الإسلاموية وثوار الأويغور في مقاطعة شينغ يانغ.

الدعم الأثيم لحكومة العميل نوري المالكي وتشجيعه على اقتراف جرائم جديدة بحق شعبنا بحجة "محاربة الإرهاب وتنظيم القاعدة" جاء يوم أمس عن طريق إصدار بيان من ما يسمى بـ"مجلس الأمن الدولي" التابع للأمم المتحدة عقب انتهاء جلسة طارئة عقدت لمناقشة تداعيات الملف الأمني في العراق بسبب سيطرة أحرار العراق على مدينة الفلوجة وعدد من أحياء مدينة الرمادي. إن هذا الدعم له تداعيات كبيرة من خلال إشادته بجيش المالكي الميلشياوي في محاربة المعتصمين وثوار عشائر الأنبار حيث أنه سيطلق يد العنان للعميل نوري المالكي لاقتراف مجازر جديدة هو وجيشه الميليشياوي في العراق دون رادع أو عواقب وخيمة لمطاردته ومطاردة المجرمين من جيشه مستقبلاً كما عمل "مجلس الأمن الدولي" سابقا أثناء شن الحرب على العراق في عام 1991 والتغطية على جرائم احتلال العراق من قبل إدارة المجرم جورج بوش الصغير.

لهذا ندعو شعبنا في العراق من شماله إلى جنوبه التصدي لجرائم العميل نوري المالكي وجيشه الميليشياوي الصفوي والقيام بثورة شعبية مسلحة ضد هذه الطغمة العميلة الحاكمة وتقويض العملية السياسية الفاسدة وإنهاء الاحتلال الصهيو-أمريكي-الإيراني لبلدنا وأرضنا العزيزة ومطاردة كل الخونة والعملاء مهما كانت عناوينهم. الاعتصامات والاحتجاجات السلمية لا تشبع بطن جائع ولا تروي عطش العطشان.

11/1/2014