العراق وجامعة الذل والمهازل العربية

دجلة وحيد

المهازل التي تعايشها الأمة العربية المشتتة بأقطارها لا حصر لها وتتفاقم يوماً بعد يوم ويبدو. إن المسؤولين الرسميين الذين يعتبرون أنفسهم الواجهة لاتخاذ قرارات تخص مستقبل الأمة العربية على المستوى الدولي، هم صم بكم وعمي لا يفقهون.

لقد انتقدنا في مقالنا السابق الذي نشر تحت عنوان "مجلس العهر الدولي والعراق" بسبب موقفه السلبي الحالي عما يجري الآن في العراق وتشجيعه لحكومة المالكي العميلة على ارتكاب مجازر جديدة بحق شعبنا في محافظة الأنبار الذين قاموا باحتجاجات واعتصامات سلمية في المحافظة ضد سياسة القمع والتهميش الطائفي التي تقوم بها حكومة المالكي الطائفية العميلة ضدهم، والذين واجهوا تخرصات جيش المالكي المليشياوي بثورة مسلحة دفاعاً عن أنفسهم وكرامة محافظتهم.

لقد فوجئا هذا اليوم ببيان جديد من جامعة الذل والمهازل العربية المسماة زوراً بـ"جامعة" الدول العربية الذي أشادت فيه بسياسة القمع الذي تمارسه حكومة المالكي العميلة ضد شعبنا الثائر في الأنبار، بحجة "التصدي ومحاربة إرهاب" ما يسمى بتنظيم ("داعش" – الدولة الإسلامية في العراق والشام).

بيان جامعة الذل والمهانة العربية أكد على تأييده الكامل لقرار مجلس العهر الدولي التابع للأمم المتحدة الذي صدر بتاريخ 10/1/2014. وأشاد البيان أيضاً بـ"جهود" قوات المالكي القمعية و"قوات الصحوات" العميلة في مواجهة ثوار الأنبار على الرغم من علمهم بأن قوات المالكي تستعمل الطائرات والدبابات والعربات المدرعة والمدفعية في قصف الأحياء السكنية في الأنبار إضافة إلى استعمال حكومة المالكي سياسة الحصار الاقتصادي والتجويع ضد شعبنا في هذه المحافظة الثائرة.

في الحقيقة يجب أن لا نستغرب لإصدار مثل هذا البيان من قبل جامع الذل والمهازل العربية لأن هذه الجامعة الخرقة قد ساهمت سابقاً في التآمر على وتهميش وتدمير أقطار عديدة من أقطار أمتنا العربية المشتتة مثل العراق وليبيا وسوريا وفلسطين واليمن والسودان والصومال وأريتيريا... الخ.

لم ولن ننسى حينما أعطت هذه الجامعة التآمرية الخرقة الضوء الأخضر لـ"مجلس الأمن الدولي" لإصدار قرار ضرب وتدمير العراق في عام 1990/1991 وضرب وتدمير ليبيا في عام 2011 والمحاولة الغير مكتملة لضرب وتدمير سوريا عسكرياً من قبل أمريكا وحلف "الناتو" في 2012/2013، والتي تحولت فيما بعد من مسألة التدخل لحماية الشعب السوري الثائر من طغيان نظام بشار الأسد المجرم، إلى مسألة التخلص من السلاح السوري الكيماوي وإطلاق يد العنان لهذا النظام المجرم والفاسد بحجة "محاربة الإرهاب" لقهر وقتل أبناء شعبنا في سورية، وتدمير مدنه وبناه التحتية بشتى الوسائل الممكنة، وباستعانة وتأييد من روسيا ونظام ملالي قم وطهران و"حزب الله" اللبناني إضافة إلى مساعدة وتأييد نظام المالكي الطائفي في بغداد.

هل يكون بإمكاننا أن ننسى فعل هذه الجامعة الخرقة المشين حينما اعترفت بمجلس الحكم المحلي بعد احتلال العراق وإعطاء كرسي العراق إلى عملاء الاحتلال بدلاً من الدفاع عن شرعية النظام الوطني السابق والاعتراض على احتلال وتدمير وطننا المغتصب؟!!!

وهل ننسى عقد اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي التحضيري لمجلس الجامعة العربية في بغداد المحتلة في مارس/آذار 2012 في إطار التحضير لمؤتمر القمة العربية في دورته الثالثة والعشرين العادية؟!!! طبعا لا وألف لا.

السؤال الذي يطرح نفسه بشكل ملح هو لماذا تنحدر أمتنا إلى هذا المستوى الواطئ بشكل مستمر؟!!! ولماذا لا تفيق شعوبنا كي توقف هذا الانحدار الخطير الذي لا قعر محدد له؟!!!

ولماذا إذا فاقت شعوبنا من غفوتها يجب أن تقمع بشتى الوسائل المحلية والعالمية وبتأييد من أبناء جلدتنا؟!!!

هل نحن العرب نحمل عوامل وراثية "مازوشية" تجعلنا نجلد أنفسنا وتظهر في فترات معينة من فترات التاريخ مثل الفترة الحالية تفسر وضعنا النفسي والسياسي والاجتماعي المعاصر؟!!!

في الحقيقة هناك ظاهرة بايولوجية تسمى "الارتداد" وتعني عودة خاصية معينة في الكائن الحي بعد عدة أجيال من الغياب حيث يرجع ظهورها نتيجة إعادة التركيب أو التوليف أو التأشيب الجيني.

هل هناك ظاهرة ارتداد جمعية تصيب شعوب معينة لها تأثير نفسي على السلوكية العامة لهذه الشعوب؟!!! أم أن ما تعانيه شعوب أمتنا المشتتة هو غضب من الله بسبب انحراف سلوكيتنا وأخلاقنا عن ما هو متعارف في عرف أمتنا العربية المجيدة؟!!! الله أعلم.

أود أن أنهي هذا المقال القصير بثلاث أبيات من النثر بقولي:

نحن شعوب طيح الله حظها / فأصابها من الذل ما أصابها

بعد أن تركت الإسلام دينا / وانحرفت عن مبادئ عروبتها

وهربت من مواقع خنادقها / وسمحت لعلوج العدى اختراقها

12/1/2014