الإقطاعيون الجدد في لبنان
فؤاد الحاج
باعوك يا لبنان وهل وطن يباع / وتقاسموا خيرات أرضك ما استطاعوا
يا موطن المجد العريق إلى متى / ستظل تنهش من جنائنك الضباع؟
لبنان بلد
الإبداع في كافة المجالات، وبما أنه كذلك ففيه شواهد لا تحصى من الغرائب التي تفوق
الوصف. ومن هذه الغرائب تعبير سياسي بدأ يطفو على سطح مياه السياسة النتنة ألا وهو
كلمة (المداورة في الوزارات) يعني أنه مصطلح رسمي وقانوني جديد للنهب المنظم
والسرقة المقوننة، بمعنى أوضح أنه يمكن لكل وزير أن يتناوب على وزارة ما لمدة محددة
لينهب قدر ما يستطيع، وهكذا يضمن جميع الوزراء من كل الطوائف والمذاهب رسمياً
وقانونياً الشفط المنظم تحت مسمى (المداورة) ومعهم كافة المسؤولين في كل الزوايا
والأشكال الهندسية المدورة والمربعة والمستطيلة وما إلى هنالك في كل الوزارات،
حفاظاً على تفرد لبنان وتنوع طبيعته وبيئته وسكانه من فرس ومجوس إلى حثيين إلى
إفرنجة إلى رومان ويونان وعربان وبالطبع لا ننسى الفينيقيين وما قبلهم وما بعدهم،
وما بعد بعدهم، وصولاً إلى الجارودية والصفويين وأذيالهم وأتباعهم إلى يوم الدين،
وأتباع أتباعهم من "تيار الإصلاح والتغيير" وبريين وأمثالهم الذين يريدون شفط النفط
والغاز، والسيطرة على الاتصالات خدمة للصفويين الجدد من معممي "ولاية الفقيه" في قم
وطهران، إضافة إلى فرض قائد جديد للجيش اللبناني وهو صهر جنرال "تيار الإصلاح
والتغيير"، الذي يحلم بالوصول إلى سدة الرئاسة بتوافق صفوي أمريكي.
هذا
اللبنان الذي كان في ماضي الأيام "هانوي العرب" و"سويسرا الشرق" و"قبلة العرب"
وكان.. وكان.. وكان.. وأصبح اليوم بلد تحكمه عصابات تتحكم في كل مفاصل وزاراته
ومجلسه النيابي، وبات بلد المذاهب والطوائف بحسب "دستور الطائف" الذي نرفضه بشدة
لأنه كرس الطائفية ونظّم النهب.
هذا هو
لبنان الجديد، لبنان "ولاية الفقيه"، لبنان الإقطاع الجديد، المدعوم بـ"الديمقراطية"
الأمريكية!
***
ومن عجائب "الديمقراطية" الأمريكية في لبنان أن جماعة ما يسمى بـ"تيار الإصلاح" وجنرالهم وصهره المهندس المعماري، وجماعة الخطيب المفوه "سيد المقاومة"! وأتباعهم، يسوقون كلاماً في الإعلام يدعون فيه أنهم يريدون "تحسين الوزارات" وأنهم يريدون الحفاظ على النفط لخدمة الشعب! يقولون أن "الدولة مقصرة"! ولم يسأل أياً منهم من هو سبب منع الدولة من بسط سيطرتها هلى كل مرافق الدولة؟ خاصة في مطار بيروت وفي وزارات الاتصالات والصحة والعدل وغيرهم، ومنع الدولة من بسط سيطرتها على المناطق المعروفة من بيروت وصولاً إلى الجنوب، ومنها الحدود؟ ويطبلون ويزمرون في الإعلام داعين الدولة إلى "تحمل مسؤولياتها بحزم وقوة"! وعندما يطالب الفريق الآخر أي (تجمع 14 آذار) بإقامة دولة المؤسسات، تضع (جماعة 8 آذار) العصي بدواليب الدولة "المزرعة". وعندما يتهم أحد العناصر بقضية ما، في أي بلدة أو قرية أو مدينة من لبنان، نراهم يصمتون ويقدمون للمتهم الحماية ويمنعوا الدولة من بسط نفوذها وسيادتها!!، على سبيل المثال لا غير المتهم الذي كان يضع عبوة ناسفة في مكتب النائب بطرس حرب، وتم تهريبه بعد إلقاء القبض عليه، هذا غيض من فيض.
وعندما يقاتل عناصر "السيد" خارج حدود لبنان ويعلن ذلك صوت الابن الروحي لخميني كما يقول عن نفسه، يتذرعون بحجج واهية، وأهمها ادعاء أنهم يقامون "اسرائيل" في سوريا!!! دون أن يسأل أحدهم من يحمي حدود اسرائيل في الجولان وفي جنوب لبنان؟!
الكلام
كثير والأسئلة تولد أسئلة ولبنان الكانتونات باق إذا لم تحل الوطنية مقام الطائفية
والمذهبية، وكل زعماء ووزراء ونواب لبنان منذ الحرب المؤامرة (1975 – 1989) مع
الأسف الشديد منغمسون حتى النخاع بالتقسيمات الطائفية والمذهبية. وهذا ليس بجديد
على لبنان الذي أعيد فيه توليد الإقطاعيات على أسس طائفية ومذهبية وعائلية، بحيث لم
تعد هناك طبقة وسطى، بل طبقة واحدة عليا هي البرجوازية المتحكمة باقتصاد وأموال
لبنان المقيم والمغترب، كما أعيد الاستغلال إلى قطاعات التجارة والأدوية والزراعة
والمصارف وباقي القطاعات الأساسية التي تتحكم برقاب البلاد والعباد.
وأخيراً فأن المطلوب هو الاتفاق فيما بين الشبيبة في لبنان أن ينزلوا إلى ساحة النجمة ويمنعوا كل المافيات من دخول البرلمان ويختاروا نواب ووزراء شباب من الجيل الجديد، البعيدين كل البعد عن العصابات المتحكمة برقاب العباد والبلاد، ويعملوا على انتخاب رئيس جديد للبنان، ووضع دستور جديد بعيد عن الطائفية والمذهبية، ورفض التدخلات الخارجية مهما كانت ومن أينما أتت.! ورمي كل أمراء الحرب وعصابات القتل على الهوية المذهبية والطائفية الذين شاركوا في حرب تدمير لبنان منذ عام 1975 وصولاً إلى اليوم في مزبلة التاريخ، وإلا سيبقى مصير لبنان في مهب الريح.
12/2/2014