المفاجآت المقبلة

جورج سولاج

دخلت الحياة السياسية في لبنان مرحلة جديدة من أولى مفاعيلها تأليف حكومة جامعة التناقضات في الثوابت والمواقف المبدئية والسياسية والقضايا الإقليمية.

إلا أنّ هذا التأليف، على علاته، يعكس في ما يعكس ثلاثة أمور بارزة:

1 - يطوي صفحة الانقلاب السياسي الذي أسقط تفاهمات الدوحة وحكومة الرئيس سعد الحريري في 12 كانون الثاني 2011.

2 - يعيد ترميم "الشراكة الوطنية" بعودة قوى الرابع عشر من آذار إلى السلطة التنفيذية من الباب العريض، من خلال حصولها على حقائب أساسية، كالداخلية والاتصالات والعدل.

3 - يمهّد الطريق أمام مزيد من تفاهمات تؤدّي إلى إجراء انتخابات رئاسة الجمهورية في موعدها الدستوري قبل 25 أيار المقبل.

ثمّة مَن يعتقد أنّ هذه الحكومة سرعان ما ستصطدم بثلاثية "الشعب والجيش والمقاومة" التي لا يمكن لـ"حزب الله" أن يتخلى عنها في البيان الوزاري، ما يؤدّي إلى انفراطها وعدم نيلِها الثقة، فتتحوّل إلى تصريف الأعمال.

لكنّ المعطيات الدولية والإقليمية تُسقِط هذه الفرضية على أساس أنّ كلمة السر التي فتحت كوّة في جدار تأليف الحكومة تبقى سارية المفعول في استحقاقات المرحلة المقبلة، ولو تُركت الأمور تجري على راحة الأفرقاء السياسيّين المحلّيين لما توصّلوا إلى اتفاق حتى على حقيبة وزارية واحدة.

إنّ مسار التفاهمات الإقليمية الذي انطلق برعاية أميركية - روسيّة قبل أشهر، لا يستطيع أحد تعطيله، حتى العلاقات السعودية - الإيرانية ستتطوّر في هذا الاتجاه. وتكشف مصادر دبلوماسية أنّ لقاءَين سرّيين عُقدا بين ممثّلين للرياض وطهران في كلّ من مسقط والإمارات العربية المتحدة، بهدف إيجاد أرضية مشتركة للحوار على الخلافات الإقليمية بينهما، والتمهيد لزيارة وزير الخارجية الإيراني محمد ظريف إلى المملكة.

وما سوف يعزّز هذا المسار، هو زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى الرياض في آذار المقبل، حيث سيجدّد التزام بلاده الكامل بأمن المملكة العربية السعودية واستقرارها، وسيشجّع على "حسن الجوار"، لأنّ واشنطن جادّة في سعيها إلى عقد اتفاق طويل الأمد مع طهران.

من هنا يُنتظر أن يتمّ تجاوز أيّ عقدة في البيان الوزاري، على رغم بعض "شدّ الحبال" المتوقّع، وأن تنال الحكومة الثقة، لتدخل البلاد في مناخ معركة انتخابات الرئاسة التي سينسحب عليها مسار التفاهمات.

غير أنّ ملفّين أساسيّين لن يكون في استطاعة الحكومة التصدّي لهما:

الأوّل: الوضع الأمني الهَش. إذ إنّ الأعمال الإرهابية، من تفجير وخطف واغتيالات قد لا تتوقف، بسبب ربط الساحتين اللبنانية والسورية بعضهما ببعض، خصوصاً وأنّ مسار التفاهمات مؤجّل بالنسبة إلى الأزمة السورية.

الثاني: انسحاب "حزب الله" من سوريا. وهذا ما لن يتحقّق في المرحلة المقبلة، لأنّه مرتبط بالنزاع الاستراتيجي على ميزان القوى في المنطقة، وليس بحسابات سياسية لبنانية داخلية، وبالتالي فإنّ مصير مقاتلي الحزب في سوريا لا بدّ أن يأتي من ضمن الحلّ السياسي للنزاع السوري.

"الجمهورية" بيروت 18/2/2014