غباء فنلندي على بريطاني

جعفر عباس

في بلدة صغيرة تقع شمال شرقي العاصمة الفنلندية هلسنكي، اقتحم ثلاثة رجال مسلحين أحد المصارف وطلبوا من الصراف تسليمهم خمسين ألف يورو!! ربما تعطيك ضآلة المبلغ فكرة عن نوعية وعقلية هؤلاء اللصوص!! المهم أن الصراف أبلغهم بأنه لا يملك إلا نحو ألف يورو في الخزينة، فطلبوا منه استدعاء مدير البنك فأتاهم الرجل فطلبوا منه أن يأتيهم بالخمسين ألف يورو من الخزينة الرئيسية للمصرف، (وإلا سنطخ الصراف بالرصاص)، ولكن المدير قال لهم بهدوء إن قتل الصراف يشكل جريمة، فقالوا له: بلاش القتل وخليها ثلاثين ألف يورو!! هنا تشجع المدير وقال لهم: ما رأيكم في أن أعطيكم المبلغ كقرض بدون فوائد وبذلك تكونون في منأى عن الملاحقة القانونية، ويا دار ما دخلك شر؟ هنا قال كبير العصابة: والله فكرة زينة ومعقولة بس نريد مبلغاً مقدماً من القرض!! فقال المدير: على الرحب والسعة وأخرج من جيبه ورقة فئة عشرة يورو وقدمها لهم، وقدم لهم أيضاً أوراق طلب القرض فخرجوا ليملأوا الأوراق في بيت أحدهم ويعيدوها ثانية الى البنك، وبقية الحكاية معروفة، شرطة وسجن، ومحكمة.

ولحسن حظهم فقد كان القاضي صاحب دعابة فقرر أن يسجنهم لنحو ثلاثة أشهر فقط، لأنه على حد تعبيره، لا تجوز القسوة مع الأغبياء!!

وحكاية ثانية من بريطانيا فقد اقتحم لص مسلح بيتاً ووجد بداخله امرأتين وأشهر مسدسه في وجهيهما وطلب تسليمه كل ما في البيت من نقود سائلة ومجوهرات وكمبيوترات (لابتوب) و(موبايلات ذكية)، فقالت له ربة البيت إنها أرملة ولا تملك من المال الكثير، وسألته لماذا يريد أن يجردها من مالها القليل؟ فقال اللص إنه أيضاً معدم ولم يتناول وجبة طعام منذ اليوم السابق، هنا قامت تلك السيدة بإعداد سندويتش ضخم لصاحبنا وناولته كأساً كبيراً من النبيذ فجلس اللص يقضم السندويتش ويشفط من النبيذ، وكلما فرغ الكأس صبت له السيدة المزيد وقدمت له المكسرات، وانبسط اللص وشرب وشرب حتى (انبسط) أي سقط على الأرض وهو سكران طينة، ثم استيقظ ليجد نفسه ...! عليك نور: في مخفر الشرطة. ولكن عزاؤه أنه حل مشكلته الأساسية وهي الجوع وأنه سيأكل لحين طويل من الدهر ببلاش في السجن.

أبادر فأعترف بأنني لا أملك واحداً على مائة من شجاعة مدير المصرف الفنلندي أو تلك السيدة البريطانية، ولكن المسألة في تقديري لا تتعلق بالشجاعة بل برباطة الجأش وضبط النفس وعدم الانفعال في مواجهة المواقف الحرجة والصعبة، وهذا في حد ذاته (قوة)، وما يحيرني هو أننا نكاد جميعاً نعاني من انفلات الأعصاب وعدم القدرة على السيطرة على انفعالاتنا: كلمة والثانية ويتحول الأمر إلى سباب يطول العورات، وبعدها بنصف دقيقة يحدث التشابك بالأيدي. تابع برامج (الكاميرا الخفية) التي أصبحت من منغصات الصوم في رمضان وسترى أن كل حلقة تنتهي بمشاجرة، فمعدو تلك البرامج لا يملكون حساً فكاهياً، ويتعمدون اصطياد البسطاء من الناس لجعلهم (مضحكة) ومادة للسخرية، ولا الجمهور يتحمل الدعابة حتى لو كانت بريئة. وتصلني عشرات الرسائل الغاضبة من سودانيين يطلبون مني التصدي للنكات التي تتحدث عن كسل السودانيين فأرد عليهم بقولي: كيف أتصدى لها وأنا من قام بتأليف معظمها، وفبركة حكاية الخليجي الذي تبجح بأنه كفيل المحيط الهندي!!

jafabbas19@gmail.com

2/2/2014