تجريم التطبيع في زمن الربيع
الإخوان وجماعتهم وتنظيمهم وأحزابهم تسير في ركاب واشنطن، ولهم جسور تواصل سرية مع "تل أبيب"، انكشفت خلال فترة حكم محمد مرسي العياط في مصر.
الحبيب الأسود
بكل قوة تتمسّك أطراف من المعارضة التونسية بدعوتها إلى التنصيص في الدستور التونسي الجديد على تجريم (التطبيع مع إسرائيل)، وبكل قوة ترفض "حركة النهضة" ذلك. فإسلاميو تونس وافقوا على تجريم التكفير والتحريض على العنف. ووافقوا على ضمان حرية التعبير التي قال عنها أحد النواب بأنها ستفسح المجال لعبدة الشيطان والأصنام للمجاهرة بمعتقداتهم.
ووافقوا على ضمان المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات. ووافقوا على حرية التعبير والنشر والتوزيع. وكان يمكن أن يوافقوا على إلغاء عقوبة الإعدام لو أن الولايات المتحدة ألغتها في كل ولاياتها. ولكنهم يرفضون بشدة "تجريم التطبيع مع إسرائيل".
وهذا أمر مفهوم، فالإخوان وجماعتهم وتنظيمهم وأحزابهم تسير في ركاب واشنطن، ولهم جسور تواصل سرية مع "تل أبيب"، انكشفت خلال فترة حكم محمد مرسي العياط في مصر، عندما تم السماح "للإسرائيليين" بنشر مجسّات للرصد على الحدود، ومن داخل الأراضي المصرية، وعندما خاطب شمعون بيريز بـ"صديقي العزيز"، وعندما عقد ما يسمّى بكامب ديفيد الإسلام بين حركة "حماس" وحكومة ناتنياهو.
هذا طبعا دون الولوج في دور ماكين وليبيرمان وبرنار ليفي وغيرهم من عتاة الصهاينة في دعم الإخوان. أما المعارضة التونسية التي تنادي بتجريم التطبيع فهي تقدم خدمة كبيرة ومجانية للإخوان، حين تثبت للغرب وخاصة للأميركان، أنها، أي تلك المعارضة اليسارية والتقدمية والقومية متطرفة وغير عقلانية وغير واقعية ومعادية لإسرائيل، عكس الإخوان الواقعيين جداً، والعقلانيين جداً، والمعتدلين فوق اللزوم الذين لا يرون جدوى من "تجريم التطبيع مع إسرائيل" بعد أن باتت بحكم الواقع السياسي ومتطلبات المرحلة حليفتهم الاستراتيجية، ولو من وراء الستار، وعبر حلفائها الذين هم في ذات الوقت حلفاء الإخوان في المنطقة.
"العرب" 12/1/2014