التشيع بين الأيديولوجيا والانحراف
التشيع الصفوي أيديولوجيا تستخدمها إيران لتحقق أهدافا سياسية تدور حول محور "مشروع تصدير الثورة".
مشعل النامي
لا يفرق كثير من الناس خصوصاً في الخليج بين التشيع العلوي والتشيع الصفوي وذلك لشدة طغيان الصفوية على المشهد السياسي في المنطقة بسبب تبني إيران للصفوية ورعايتها لها بصورة رسمية.
التشيع الصفوي هو أيديولوجيا تستخدمها إيران لتحقق من خلالها أهدافا سياسية بحتة تدور معظمها حول محور "مشروع التوسع" الذي اصطلح على تسميته "مشروع تصدير الثورة"، وتستغل إيران ونظامها الحاكم الحسينيات في العالم بأسره وترعاها لخدمة المشروع التوسعي، حيث تعتبر الحسينيات (مفرخة) لأتباع تلك الأيديولوجيا الذين يمثلون الوقود الذي لا يمكن للمشروع التوسعي أن يسير من دونه.
ففي جمهوريات آسيا الوسطى- مثلاً - يستخدم مبنى السفارة الإيرانية كحسينية يقوم عليها السفير الذي يتم اختياره من المعممين، فتكون الحسينية برعاية رسمية من الحكومة الإيرانية ويكون الجزء الأكبر من مبنى السفارة مجلساً حسينياً، وهذا دليل على سعي الحكومة الإيرانية الصفوية على التوسع من خلال نشر التشيع الصفوي.
واقع التشيع الصفوي يشير إلى أنه أيدولوجيا وليس مذهباً دينياً، فالمذهب الديني هو التشيع العلوي الذي نختلف معه جذرياً أما التشيع الصفوي فإننا نرفضه تماماً، لأنه قام لخدمة مشاريع سياسية استخدم من خلالها الدين لتحقيق هذه الأهداف التي يطغى عليها الجانب الشعوبي العنصري، فكم عانى ويعاني إلى اليوم الشيعة غير الفرس وغير الموالين للتشيع الصفوي من النظام الصفوي وأتباعه في العالم، ذلك النظام الذي لم يتوان عن قتال الشيعة في الأحواز المحتلة وفي أذربيجان المحتلة وفي غيرهما من الأقطار التي تحتلها إيران وكذلك في شتى بقاع العالم.
تنسب الصفوية إلى (إسماعيل الصفوي) مؤسس هذه الزندقة الذي قتل والدته لأنها أبت تبديل دينها الإسلامي إلى زندقته، وهو الذي بدأ بإقامة الاحتفالات السنوية بذكرى مقتل الحسين رضي الله عنه، حيث لم تكن معروفة قبل ذلك، وجعل مظاهر الدماء واللطم تطغى عليها لاستدرار العطف والتحريض على بقية المسلمين بتهمة مقتل الحسين!
وهو قد ابتدع ظاهرة اللطم وإشاعة مواكب التطبير بالسيوف والقامات وقرقعات الطبول، وتلك عادات موروثة من المسيحية، كما يقول علي شريعتي.
وتقوم هذه الأيديولوجيا على أساس "إن لم تكن معي فأنت ضدي" ويصنف الناس إلى صنفين فقط هما "الموالي لآل البيت" والصنف الآخر "غير الموالي" ولا ينظر بتاتاً لرأيه، ولا يوجد اليوم مسلم لا يوالي آل البيت ولكنهم يقصدون أنه إما أن يقبل بمنهجهم كاملاً أو أن يقصى كلياً كما يفعلون اليوم مع الكثير من مراجع الشيعة الذين بلغوا درجة الاجتهاد التي لم يضع لها الصفويون أي اعتبار وهذا دليل واضح على أنها ليست مذهباً دينياً، وإنما هي توجه سياسي يستخدم التشيع كوسيلة لتحشيد وتجنيد الأتباع وجعلهم ينصاعون ويطيعون طاعة عمياء دون أي نقاش.
إن الصفوية منهج متجرد تماماً من الأخلاق كما هي التوجهات السياسية، وهذا دليل آخر على أن الدين بريء من الصفوية براءة الذئب من دم يوسف.
ويعترض الدكتور علي الوردي عالم الاجتماع العراقي على تبني إيران الصفوية للتشيع حيث يقول "الصفوية أدخلت في التشيع أموراً أضرت به وشوهت سمعته، أضف إلى ذلك أنه جعل التشيع مذهباً حكومياً وبذلك أضعفت فيه نزعته الشعبية القديمة". ويسوق الباحث الشيعي باقر الصراف في كتابه "الرؤية السياسية الإيرانية في ظل حكم الملالي" العديد من صور إضرار الصفوية بالتشيع ومحاربتها له ولرجاله في حال الخروج عن مظلة الصفوية وأهدافها.
ويأتي تمدد الصفوية في دول المنطقة في ظل فقدان دولنا للهوية وعدم تبنيها لمناهج فكرية وإن كانت مناهج مضادة فقط لمثل هذه التوجهات التي تغلغلت في دولنا وبتنا نعاني من تبعاتها، وينبع ذلك من خوف أنظمتنا من تبني منهج فكري معين. ذلك الخوف الذي زرعه من في قلوبهم مرض ومن يملكون أجندات مضادة يخشون أن تصبح هباء منثوراً في حال كانت لدولنا منهجاً واضحاً، ولا أوضح من منهج الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم، خصوصاً وأن أرضنا هي مهد رسالته والتي نحن امتداد لها ومكلفون بتبنيها والاستمرار بها.
* كاتب صحفي (من الكويت)
"العرب" لندن 5/2/2014