نظام الإرهاب الشامل

عقاب يحيى

فتشت لأعرف أصل كلمة إرهاب، فلم أجدها فصيحة سوى في تركيبة الطغمة، ونهجها، وسياساتها.

الإرهاب، والرهاب، والترهيب، وإنزال الرهبة بالنفوس، صناعة أسدية غرفت من خزين الحقد نسغها، ومن الإصرار المسبق على الحكم والبقاء فيه مهما كانت الوسائل، طرقها.

الطاغية الأكبر الذي لم يكن شاطراً بشيء سوى في كيفية تدعيم أواصر حكمه الطائفي، الفردي، النرجسي، التقايضي، وكان رهاب الناس هدف الأهداف، ولأجله أسس مملكة الرعب، وفي سبيله اغتال البشر من المعارضين، والأفكار، وخصائص الشعب السوري، ولحمته الوطنية، وكثير كثير من صفحاته الدموية الحاقدة.

بدءاً كان رفعت الأسد رأس حربة التخويف والتجاوز، والفرض، بتشكيل جيش "سرايا الدفاع" لتعميم الرهبة بين الضباط والعسكريين، وإخضاعهم لعملية تخويف مبرمجة.

وفي البدء - أيضاً - كان الأمن النسغ والوسيلة، فأقيمت عديد الأجهزة الأمنية وخاصة العسكرية منها، المتنوعة، والمفوّضة بصلاحيات كاملة للعبث بكرامة وحقوق المواطن، وفعل ما يحلو لها ترجمة لعملية إخضاع مرسومة، وتعميماً للخوف، وكانت حماة الدرس والمنعطف، وكانت التصفيات الشواهد.

وفي البدء أيضاً وأيضاً، كان الاغتيال نتاجاً، والاغتيال أنواع، يبدأ بالقتل البطيء للمعارضين، غلى التصفيات المباشرة، فتمّ اعتقال قيادة البلد السياسية والحزبية دون تهمة أو محاكمة ولربع قرن من الزمان، وتصفية البعض منها داخل المعتقل أو عقبه، بما أورثه من أمراض لا شفاء منها، أو بالاغتيال المباشر لكل من يشكل خطراً ما، واغتيال محمد عمران في طرابلس لبنان، عنوان لدفتر الاغتيالات المليء بالجرائم المنظمة.

وفي البدء أيضاً وأيضاً، كان القتل إرهابا من طراز عنيف، وكانت حماة المذابح المتنقلة، وصولاً لمذبحتها الكبرى (شباط 1982)، وبقية المذابح في المدن السورية، وتصفية عشرات الآلاف في المعتقلات، ومذبحة سجن تدمر، قمة الإرهاب المعمم.

لا حاجة بنا هنا للتعريج على العمليات الإرهابية الكاملة - وفق التوصيف الغربي للإرهاب - حيث نمسك بالكثير منها، عبر القيام بمهام من طبيعة خاصة: تفجير، واغتيال، وإرسال مرتزقة، وتكليف أزلام ومخبرين بتنفيذ قرارات ذات صفة إرهابية ورهابية، عدا عن أن وجوده الملغوم في لبنان على مدار العقود كان مثخناً بشتى أنواع الإرهاب، وقوفاً عند اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري في مثل هذه الأيام، وقوفاً عند قصة "الوزير" ميشال سماحة والدور التفجيري المناط به، وصولاً إلى ما يجري كل يوم في سورية، ولبنان وعدد من الساحات.

***

لكن الطبيعة العهرية، وعندما تصل حدّ الفجور لا يعود لها حدود، خاصة وأنها عندما تكون محمية إقليمياً، ودولياً، وبالتالي فاستخدام وسائل الإبادة العامة والجماعية: البراميل والقصف بالراجمات، وأعمال التفجير، وصولاً للكيماوي، هي جزء من مفهوم الطغمة للحكم، ووصول هذا المفهوم درجة الاستهانة بالحياة، والمواطن، والبلاد.

نحن نواجه نظاماً إرهابياً من طراز خاص، مطعّم بفلتان الحقد، والطائفية، والفجور، والعنجهية، والانتهازية المحمية بالحلفاء ومواقفهم.

الجزائر 16/2/2014