شيء عن إعلان دمشق
عقاب يحيى
كانت ولادة الإعلان في الزمن والظروف، في الغاية والوثيقة التأسيسية نقطة تحول في حياة المعارضة، ونقلة كبيرة باتجاه وحدة التصور، وتجسيد خط ديمقراطي معارض يحيي سنوات البيات، ويحاول تطوير واقع ومسار ومآل "التجمع الوطني الديمقراطي" بإدخال كيانات جديدة، وشخصيات معارضة مهمة تمثل طيفاً سورياً واسعا، فاتجهت أنظار السوريين في الداخل والخارج نحوه، خاصة وأن دخول جماعة الإخوان المسلمين فيه - وهي المرة الأولى التي يشاركون فيها عملاً جبهوياً من هذا الطراز - معطى إيجابي آخر، يجعل ما عرف بـ"ربيع دمشق" مخضوضراً، ومحمّلاً بآمال تحقيق تطور مهم في عمل ودور المعارضة الديمقراطية.
لكن الإعلان، وبعد زمن من محاولة مأسسته، وتطوير أدواته، وخطابه، اصطدم بالعقدة السورية المستحكمة: الخلافات فالشرذمة، فالانقسام، التي دخلت فيها مجموعة مفاعلات ذاتية وعامة، قادت إلى خروج الاتحاد الاشتراكي العربي وحزب العمل الشيوعي ولفيف آخر، في الوقت الذي زجّ فيه النظام بأمانته العامة برئاسة المناضلة فداء الحوراني في المعتقل، ومحاولة تكسير وتقويض ما تبقى من الإعلان، وفي الوقت الذي طفت على السطح انعكاسات الخلافات الحزبوية، وحتى الشخصية بين بعض أطرافه، خاصة بين كل من "حزب الشعب الديمقراطي" وأمينه التاريخي العام، ثم عضو لجنته المركزية: الأستاذ رياض الترك، وبين الاتحاد الاشتراكي العربي وأمينه العام الأستاذ حسن عبد العظيم، وانسلال حركة الإخوان المسلمين لعقد صفقة تحالف مع عبد الحليم خدام فيما عرف بـ"جبهة الخلاص"، فـ"إعلان الجماعة تجميد معارضتهم أثناء العدوان على غزة".
وفي حين نشطت الفريق الثاني، مستفيداً من بعض هوامش الحرية المتاحة له، فشكل "هيئة التنسيق" منذ أشهر الثورة الأولى، كان ما تبقى من "إعلان دمشق" يعاني آثار الاعتقال، والتشتت، والظروف الأمنية الصعبة، واقتصار أمانته العامة على عدد محدود، حاول الاستفادة من قيام المجلس الوطني ليكون صاحب صوت وبصمة قوية فيه، تتجاوز قدراته الفعلية إلى الاستفادة من تحالفه مع جماعة الإخوان المسلمين وعديد "الإسلاميين الجدد"، وصلاً غلى انفكاك تلك العلاقة عبر مسار "الائتلاف"، وما عرف بالتوسعة فيه.
من حق المؤمنين بإعلان دمشق - في الداخل والخارج - أن يعملوا على إحياء مؤسساته، وأن يعيدوا له دوره المأمول، وأن يدخلوا ميدان المشاركة والمنافسة مع القوى الأخرى بزخم جديد، نأمل أن يكون فعالاً، وإيجابياً، ومثمراً، وبعيداً عن المَظهرة، وعقلية الضرّة - لدى البعض - وأن يتحول فرعه الخارجي إلى قوة إضافية تدعم الثورة وأهدافها، وتشكل إصضافة مطلوبة في جهد التحالفات، وفي تأمين مستلزمات عقد مؤتمر وطني جامع بات أكثر إلحاحاً.
عديدون من أعضاء الكتلة الوطنية الديمقراطية السورية كانوا أعضاء في إعلان دمشق، او مناصرين له، اسهموا على مدار السنوات بما قدروا عليه من جهد.. لذلك كان حرصاً كبيرا منا حضور جلسات مؤتمره الخارجي، وتحية هذا الجهد الذي نتمنى له النجاح وتحقيق الأهداف المتفق عليها.. وقد شكرنا لفتتهم الكريمة بدعوة الأستاذ ممتاز الحسن 0 عضو الهيئة التنفيذية في الكتلة - للحضور كضيف، وإلقاء كلمة قصيرة.
ولأننا
دعاة توحيد، ولأن المشتركات كثيرة بيننا، ولأن إقامة أطر تحالفة عريضة ضرورية، فإن
الحوار والتفاعل، وكافة أشكال التعاون ستبقى ملحة، ومطروحة علينا، وستلقى كل اهتمام
من قبلنا.
الجزائر 24/1/2014