"سوريا ضاعت وانتهت"!

راجح الخوري

الجولة الجديدة من مفاوضات جنيف لن تؤدي إلى أي نتيجة باستثناء نقل الأضواء من حقول الدم في سوريا إلى الفشل الذي يديره الأخضر الابراهيمي، بينما تزداد معالم الضياع الأميركي حيال المأساة التي يتلذذ فلاديمير بوتين في تعقيدها إلى درجة أن سفيره فيتالي تشوركين، يرى أن "من المبكر جداً" مناقشة موضوع الممرات الإنسانية في مجلس الأمن، ورغم هذا دعت السعودية مجلس الأمن إلى مناقشة الموضوع، فحمص مثلاً تجاوزت ستالينغراد في الدمار والمآسي، وكان آخرها أمس قصف النظام قافلة المساعدات إليها!

ما معنى العودة إلى جنيف عندما تقول بثينة شعبان عن وفد (الائتلاف) "أن من أتى للجلوس إلى الطاولة لا يمثّل أحداً"، وأن النظام يراهن على الحرب التي ستحدد أي محور في المنطقة هو الأقوى، بما يعني أنه مصمم مع حلفائه الإيرانيين والروس على مواصلة تدمير سوريا، التي ترتعد أميركا وأوروبا في مواجهة احتمالات تحوّلها عاصمة دولية للإرهابيين!

احمد الجربا يطالب بفاروق الشرع مفاوضاً بدلاً من وليد المعلم، الذي افتتح الجولة الأولى بخطاب ترهيبي لـ(بان كي – مون) والحاضرين، لكن عقدة الجولة الثانية واضحة سلفاً، وهي المطالبة بمناقشة بيان "جنيف ١" بنداً بنداً لأن البند الاول منه يدعو إلى "وقف العنف"، وهذا سيقود فوراً إلى ما يشبه الخلاف على ما إذا كانت البيضة أم الدجاجة أولاً، حيث سيطلب المعلم وقف "العمليات الإرهابية" أولاً، باعتبار أن النظام وصف المعارضة منذ البداية بعد تكسير أصابع أطفال درعا بأنها إرهاب يجب القضاء عليه، بينما ستطلب المعارضة أن يوقف النظام أولاً تدميره المنهجي لسوريا شعباً وأرضاً!

(ديفيد ميليباند) طرح في مقال كتبه في "الصنداي تايمس" سؤالاً يمثّل إدانة قاطعة لأميركا وروسيا والشرعية الدولية إضافة إلى النظام السوري وحلفائه الذين يقاتلون معه: "هل ضاعت سوريا وانتهت كأمة ودولة... لا أحد يجرؤ على ذكر مأساتها لأنها تعبر عن فشل معيب للسياسة والديبلوماسية، وهذا لا يعفي أحداً من الاهتمام بالجانب الإنساني من هذه المأساة"!

لكن من الذي سيسأل، بوتين المتشاوف الذي يتزلج على دماء السوريين كما يتزلج في سوتشي عاري الصدر، أو باراك أوباما الذي "توبّخ" إدارته جون كيري لأنه اعترف وفق "الواشنطن بوست" أمام جون ماكين وليندسي غراهام بأن "واشنطن أخفقت في سوريا"، وهو ما اضطرت الخارجية إلى نفيه بسرعة متغاضية مثلاً عن عدم تسليم النظام الترسانة الكيميائية وفق الروزنامة المتفق عليها، بينما كان وزير الأمن الأميركي يعلن أن "سوريا باتت مسألة أمن قومي لنا وللأوروبيين"، في إشارة إلى الإرهاب الذي عملت واشنطن وموسكو على زرعه وتخصيبه في سوريا منذ ثلاثة أعوام!

"النهار" بيروت 11/2/2014