ثمن الأسد روسياً وإيرانياً!
راجح الخوري
كل ما تمكن الاخضر الابراهيمي من تحقيقه حتى الآن هو اقناع الوفدين السوريين بعدم رفع الإعلام لا علم النظام ولا علم المعارضة . يبدو الأمر شكلياً إلا أن له مدلولاً وبعداً سيكولوجيا على الأقل لأن هذا يوحي بأن النظام يقبل ضمناً بفقدان حصرية الكلمة ووحدانية التمثيل!
لم نكن في حاجة إلى تصريح احمد الجربا ليبلغنا أن سيرغي لافروف يقول "أن موسكو ليست متمسكة بالأسد"، فقد سبق أن لمّح الروس الى هذا، وقبل الذهاب إلى جنيف كان معروفاً أن المسألة في العمق عندهم كما عند الإيرانيين، ليست متوقفة على شخص الأسد، بل على حصة كل منهما من كعكة النفوذ والعلاقات مع النظام الجديد، فالمهم ليس مستقبل الشخص بل مستقبل العلاقة مع سوريا الجديدة!
ولم يكن أحد في حاجة إلى الجربا ليبلغه "أن بشار الأسد بات صورة من الماضي"، فالحسابات السياسية البسيطة عند الذين دعموا الأسد وتمسكوا به حتى الآن، تقول أنه لا يمكن الحفاظ على المصالح والاحتفاظ بكعكة النفوذ في سوريا مع رئيس أثبت مؤتمر جنيف كم هو وحيد ومعزول وكم هو مطالب بالرحيل. حتى وليد المعلم وهو ديبلوماسي عريق، يعرف ضمناً أنه بات يقاتل عن نظام فاقد الصلاحية والشرعية، فبعد طوفان المأساة وعشرات آلاف القتلى وملايين المشردين لا يمكن قطعاً، حتى للروس والإيرانيين التوهم أن في وسعه أن يستمر حاكماً رغم أنف السوريين والعالم اجمع!
عندما يطالب الابراهيمي الطرفين بتقديم ورقة عمل سيقدم الجربا ورقة "جنيف - 1" التي أقرها العالم، أما المعلم فسيقدم نسخة مكررة من الخديعة التي قدمها في خطبته الطويلة في الجلسة الافتتاحية بعدما اشتبك مع (بان كي – مون)، داعياً المؤتمر إلى "شن حرب على الإرهاب والتكفيريين"!
المفاجىء أن جون كيري بات يحرص يومياً الآن على تكرار القول أن الأسد هو الذي صنع وحش الإرهاب ويحاول أن يخدع العالم بالدعوة إلى دعمه مع حلفائه الإيرانيين لمواجهة "داعش" و"النصرة" وأخواتهما، لكن ليس خافياً أنه لطالما كانت هذه المنظمات الإرهابية عدة الشغل للنظام وقد استعملها للتخريب في العراق ولبنان والأردن ومخيمات الفلسطينيين، وآخر الإبداعات تبيّن الآن أنه هو الذي يموّلها!
سيحاول وفد النظام إغراق المؤتمر بالتفاصيل الجانبية للتنصل من "جنيف - 1" وإلزاماته في ما يتصل بالانتقال السياسي، كالحديث عن فتح طرق وإطلاق أسرى، لكنه لن يتمكن من أن يسقط إجماع العالم بما فيه الروس وحتى الإيرانيين، على أن صفحة النظام قد طويت، لهذا فأن حديث الابراهيمي عن بناء الثقة بين الطرفين وهم ما لم يكن "جنيف - 1" أساساً، والمعلم قد يؤمر بالانسحاب لتستمر المذبحة!
"النهار" البيروتية 25/1/2014