من يكذب كيري أم المعلم؟!
راجح الخوري
الجولة الجديدة من مسلسل "جنيف 2" الطويل التي قد تعقد الاثنين المقبل لن تكون مختلفة عما سبقها، فالبراميل المتفجرة لا تواصل تدمير الأحياء على رؤوس السوريين فحسب، بل تمضي في تدمير أوهام الحل في رأس الأخضر الابراهيمي وكل من يظن أن الحل قريب في ظل الواقع الميداني، الذي يغرق سوريا أكثر فأكثر في وحول الصوملة!
كان فاضحاً جداً أن يقول سيرغي لافروف من ميونيخ أن روسيا تعجز وحدها عن الحل في سوريا، ربما كان عليه أن يتذكر أن روسيا وحدها هي التي رعت الأزمة وعمّقتها، لأنها دعمت النظام وراهنت معه على الحل العسكري وساعدته في إفشال كل الحلول السلمية، بإسقاط "المبادرة العربية" ثم بإفشال مجلس الأمن الذي سيواجه الآن "الفيتو" الروسي الرابع، لمنع صدور قرار عربي - أوروبي يدعو إلى ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية إلى المحاصرين في حمص القديمة وغوطة دمشق!
وكان فاضحاً جداً أن يعود جون كيري إلى الحديث عن طائلة العقوبات واللجوء إلى القوة، في مواجهة النظام، الذي تكاد المدة المتفق عليها لتسليم ترسانته الكيميائية تنتهي ولم يسلّم إلا 5 % منها، متجاهلاً الموضوع الإنساني الذي فشل مؤتمر جنيف في ترتيب اتفاق عليه!
"الفيتو" الروسي الجاهز لمواجهة قرار يتعلق بالموضوع الإنساني، حاضر أيضاً لمنع أي قرار يتعلق بالتملص من تسليم الكيميائي، الذي تتردد أنباء عن أن النظام ينقله إلى جبال العلويين ويسرّب بعضه إلى حلفائه، استعداداً لاحتمال الوصول إلى التقسيم وقيام دولة علوية حصينة، تترك ما يتبقى من سوريا ميداناً للفوضى والقتال بين "الجيش الحر" وبين "داعش" و"النصرة" وما يفرزه الصراع من تشكيلات على الطريقة الصومالية!
خلال عشرة أيام في "جنيف 2" سقط 1900 قتيل في سوريا بمعدل 190 قتيلاً في اليوم وثمانية قتلى تقريباً في الساعة، ولم يتم الاتفاق على شيء، ولست أدري ما هي "البداية المتواضعة التي يمكننا أن نبني عليها" كما يقول الابراهيمي، الذي عندما حدد الاثنين المقبل موعداً لجولة جديدة قال المعلم "هذا شأنه وقراره وسنرى"!
خلال هذه الأيام العشرة أفاض جون كيري في الإنشائيات السياسية الواهية، فقال أن "الأسد لن يكون جزءاً من أي حكومة انتقالية، وليس من الوارد ومن المستحيل تصور أن يستعيد الرجل الذي قاد الرد الوحشي على شعبه الشرعية ليحكم". وليد المعلم يقول أنه رفض التفاوض مباشرة مع الأميركيين ما لم يعتذر كيري عن كلامه، والخارجية الأميركية التي قالت أنه يكذب بدت هي الكاذبة، عندما قالت أنها عرضت الاتصال بالسوريين على "مستوى الموظفين" من خلال الابراهيمي، ولكأن موظفيها ليسوا أميركيين بل من الداهومي!
"النهار" بيروت 4/2/2014