الثورة حب لا انتقام

سلام الشماع

أتألم كثيراً وأنا أقرأ مفردة (انتقام) في بعض النداءات المنسوبة للثورة، فالثورة محبة وطهر ونبل ليس هدفها الانتقام من أي كان وليس هدفها الثأر من أي كان ولا تريد أن تحرق أحداً أو تعذب أحداً أو تقتل أحداً أو تهدم منزل أحد أو تقطع رزق أحد أو تميز بين أحد وأحد، أو تُباعد بين أحد وأحد.

الثورة تريد أن تبني وطناً خُرّب وتعيد الحياة لحدائق وبساتين ذبل زرعها وتُرجع الحق لكل ذي حق وتنتزع الحق من كل مغتصب وتريد لعجلات المصانع التي توقفت عن الدوران أن تدور مجدداً وللشباب العاطلين عن العمل لسنوات أن يعملوا ويعيدوا الحياة لهذا الوطن وأن تلم شعث هذا الوطن.

عقل الثورة نظيف ليس فيه من مفردات الموت شيء ولا من مفردات الكراهية والحقد شيء، ليس فيه ما في عقول العملاء الذين ذبحوا العراق شيء.

نعم، بين الثورة ومن تلطخت يده بدماء العراقيين وعذابهم وخراب بيوتهم القضاء الذي يحكم بالعدل والإنصاف بقوانين هي ليست قوانين بريمر ولا الدستور الذي فرضه المحتلون وفصلوه على مقاسات أقزامهم، بل بيننا وبينهم الدستور الذي سيكتبه الشعب الثائر والقوانين الوطنية التي تعد خيانة الوطن والارتماء في أحضان الأجنبي والتخابر معه وتنفيذ ما يريده خيانة عظمى، لا القوانين الحالية التي تعد مقاومة الاحتلال ومخلفاته والثورة على أقزامه إرهاباً وتظاهرات الشعب واعتصاماته فقاعة وأنها من عمل تنظيم "القاعدة" أو "داعش".

نعم ثورتنا تريد جميع العراقيين موحدين متكاتفين متلاحمين لا يفرقهم دين ولا مذهب ولا طائفة ولا لغة ولا فكرة لأنها لجميع العراقيين، وهي تغفر لمن زلت قدمه يوماً وعاد إلى أحضان الوطن مستغفرا نادماً، ولو لم تكن كذلك ما وجهت التحذير تلو التحذير لأبناء العراق الذين اضطرتهم الحياة ومتطلباتها للعمل في الجيش الحكومي والشرطة الحكومية أن يحافظوا على حياتهم من القتل وأن لا يقاوموا الثوار فيضطر الثوار إلى الرد عليهم وقتلهم.

إن التجسيد الحقيقي لأخلاق الثورة بدا واضحاً على ممارسات عشائر الأنبار التي إذا وقع بأيدي ثوارهم أسير في المعارك من قوات الحكومة أكرمته وردته إلى أهله معززاً على الرغم من أن هذا الأسير لو تمكن منهم لقتلهم وأبادهم، ولكنهم يبذلون معه ذلك الإكرام كله لأنه عراقي والثورة تحتاج إلى جهد كل عراقي في المهمة العسيرة التي هي بناء العراق وإعلاء شأنه، أما مهمة العملاء فلا أبسط منها ولا أسهل لأنها مهمة هدم.

وأنا لا أستبعد أبداً أن حكومة المالكي صعقت عندما وجدت هذا التعامل الراقي من عشائر الثورة فعمدت إلى قتل الجنود الأربعة من قوات سوات القذرة بأيدي ميليشياتها وصحواتها لتشوه الوجه الناصع للثورة ولتبث عوامل الفرقة بين العراقيين وتؤجج صراعاً طائفياً فشلت في السنوات الأحد عشر العجاف أن تؤججه على فظاعة ما فعلت واقترفت وارتكبت.

لذلك كله أحذر أخواني في المجلس العسكري العام لثوار العراق والمجالس العسكرية المناطقية من بيانات أخذت تصدر هنا وهناك توحي لقارئها أنها صادرة عن الثورة وهي مليئة بعبارات ومفردات وكلمات بعيدة عن أخلاق الثورة، ومنها ما قرأته بتوقيع (إخوانكم أبطال ثورة العراق).

والنصر للعراق دائماً

وسلام على الشهداء.

17/1/2014