ماذا ستقولون إذا فاتكم قطار الوطن؟

سلام الشماع

هي ثورة الوجود العراقي، فإما أن يبقى العراق وإما أن تبتلعه إيران.

هي ثورة الشعب وما سمعنا أن شعباً على وجه الأرض كان على خطأ وحكامه على صواب. فكيف إذا كان هؤلاء الحكام مصنوعين في معامل واشنطن وطهران؟

هي ثورة تريد العراق، العراق كله من الفاو إلى زاخو، تريده واحداً موحداً، تريد ابن الجنوب يزور أخوته في الشمال وابن الشمال يزور أخوته في الجنوب وابن الغربية يزور أخوته في الفرات الأوسط، لا حدود بين العراقيين، وهدم الله ما بنوا من حدود.

دول العالم كلها تسابق الزمن من أجل الحياة الحرة الكريمة، وفي العراق قوانين تشرع القتل والإبادة والسرقة والتشريد والارتماء في حضن الأجنبي، وتسمي المقاوم "إرهابياً" والعميل "وطنياً" والسارق "خادماً للشعب" وتبيح صرف أموال الشعب الجائع المذبوح على أدبار السياسيين، وعمليات التجميل لنسائهم، وتسمح للأعرج أن يكون قائداً عسكرياً يقف في صف واحد على منصة استعراض القوات، والثرثار منظراً، ومن لم يحلم بإدارة قسم في دائرة صغيرة رئيساً للحكومة، والقتلة أعضاء في البرلمان، وتسمح باصطفاء البوم وطرد الكنار، ولا تسائل إلا الأبرياء عن عمليات التفخيخ والتفجير والقتل اليومية.

إنه زمن تخلخل المقاييس وزمن الجهلة الذين يقودون شعباً من العلماء، زمن الطائفة لا الدين والمنطقة لا الوطن والحزب لا الشعب.

الثورة تريد إنهاء هذا كله قبل أن يصبح أمراً واقعاً يصعب تغييره ولا نصحو إلا والعراق في بطن بلاد فارس، والعراقيون يمنعون من التكلم بلسانهم العربي المبين، ويستبدلونه بلسان فارسي لا يعرفهم ولا يعرفونه.

لتبديل هذا الواقع المرير الذي يعاني منه جميع العراقيين ثمن هو الدم، وعلى رأي أحمد شوقي أن للحرية الحمراء باباً بألف يد مضرجة يدق.. وأهل الأنبار يدفعون هذا الثمن نيابة عن العراقيين جميعاً. فهل يصح أن يتركهم العراقيون لوحدهم يدفعون هذا الثمن؟ وهل يصح أن تثمر هذه الدماء حرية للآخرين وهم لم يسهموا بقطرة واحدة من دمهم لشراء الحرية والكرامة والعزة؟

أهل الأنبار على استعداد أن يشتروا الحرية والكرامة والعزة لأهلهم العراقيين بدمائهم، ولكن هل من المروءة أن نتركهم وحيدين في الميدان وهم الذين ما تركوا عراقيي الجنوب والوسط يدفعون دماءهم لشراء حرية الوطن في عشرينات القرن الماضي فكانت لهم فيها بطولات وجولات وصولات وسالت دماؤهم مختلطة بدماء جميع العراقيين على مذبح الوطن الذي انتصر في النهاية؟

ومن كرم أهل الأنبار أنهم لم يطلبوا من أخوتهم دماً ولا بطولات وتعهدوا أن يسددوها كلها لشراء حرية العراق والعراقيين. لم يطلبوا من أخوتهم إلا أن ينصحوا أبناءهم بعدم قتال أخوتهم ويبينوا لهم حقيقة الوشائج التي تربط بينهم جميعاً كعرب وعراقيين ومسلمين، فعزيز عليهم أن يقتل عراقي مخدوعاً بعصبية لا هي عراقية ولا عربية ولا دينية، وإنما عصبية طائفية مقيتة.

يا أهلي في الجنوب إن الثورة الأنبارية حركت قطار الوطن ليصل إلى محطته الأخيرة قريباً. محطة الحرية فلا يفتكم اللحاق بهذا القطار فتقعدوا ملومين محسورين. وإن هو إلا صبر ساعة وتنتصر إرادة الوطن فما ستقولون إذا انتصر وليس لكم في انتصاره نصيب وأنتم من أنتم شجاعة وغيرة وبطولات؟

20/1/2014