لسنا نحلم.. ثورة العراقيين منتصرة

سلام الشماع

اشتعلت أرض العراق وصارت لظى تحت أقدام الغرباء الذين توهموا أن إذلال العراقي لا ثمن له واضطهاده أيسر من سرقة خزائن العراق التي ينهبونها جهاراً نهاراً. وما عرفوا سرّ هذا العراقي الذي يتحمل ما لا تتحمله الجبال ثم يحسبه الجاهل خانعاً منقاداً لما يريد ظالمه فيسدر هذا الظالم في غيه ثم يتجمد الدم في عروقه عندما ينفجر بركان هذا الكائن الذي حسبه خنع وانقاد له وقضي الأمر الذي فيه تستفيان.

إذا كنت سمعت مرة بغضبة الحليم، فهي غضبة العراقي الذي يصبر على الأذى ويكظم الغيظ، وتعال أوقف طوفان غضبه إن استطعت.

قاتل العراقي في الأنبار وفلوجة العز ومرغ جبين قوات شكلها الاحتلال وسلمها إلى رئيس حكومته في المنطقة الخضراء نوري المالكي بعد أن دربه على أسوأ ما تدرب عليه قوات هجينة مرتزقة، ووجدت نينوى أن ليس من المروءة أن تنفرد الأنبار بمهمة الدفاع عن العراق والعراقيين فأشعلت ثورتها وأسقطت أجزاء كبيرة من أرضها بيد ثوارها وطردت منها قوات المالكي رئيس الحكومة المهانة التي لا هيبة لها ولا احترام لأن العراقي لا يد له في قيامها، وما فتئت صلاح الدين حتى صال ثوارها وجالوا، مكبدين قوات المالكي خسائر في الأرواح والمعدات بأيسر الجهود، ومن كان ذو حظ من أفراد هذه القوات طلب النجاة لنفسه وانسحب من معركة وجد نفسه فيها يقاتل اخوته وأبناء عمومته وأصهاره.

وستثور غداً محافظة أخرى ويبدأ الحراك بعدها في ثالثة ورابعة وخامسة وسادسة حتى تشتعل أرض العراق كلها فأين تهربون؟

ووالله ضحكت من أعماقي وأنا أرى انشداه المالكي وتخبطه يظهر في فلتات حديثه الأربعائي، فهو يمني نفسه بأن مجلس محافظة الأنبار سيقدم مبادرة لحل (أزمة) المحافظة وأنه سيوافق على ما يوافق الدستور والقانون منها، ووعد، كما ثعلب مراوغ، بأنه سيبدأ حملة بناء وإعمار في الأنبار، وسيعوض المتضررين من رعونته العسكرية فيها، ناسياً (عنترياته) وتأكيداته بأنه لن يتفاوض مع أنصار يزيد بن معاوية.. ولكن ما هي إلا ساعة على حديثه حتى جاوبه ثوار نينوى، يا عيني على رجال نينوى وثباتهم، جاوبوه بصفعة قوية دوت في الآفاق، فهو لم يفهم لغة العراقي، والعراقيون لا يفهمون لغته، فصار مصداقاً لما قاله شاعر شعبي عراقي قديم: (هندي ويخطب بزوبع منو اليقره ومنو اليسمع).

إذا أراد المالكي أن يخرج من ورطته وإحراجه أمام من توهم أنه سيكون الزعيم الأوحد لهم جماعته الذين يفكرون بعقليته الطائفية، وحاشا شيعي عربي في العراق أن تمر الطائفية في خاطره مروراً.. إذا أراد أن يخرج من ورطته فليعمل المستحيل، والمستحيل أن يقنع الشيخ حارث الضاري أو السيد عزة الدوري أو الشيخ عبد الملك السعدي أو أي مقاوم في الفلوجة أو الرمادي أو نينوى أو البصرة أو واسط أو غيرها من محافظات العراق، أن يقدم مبادرة، لا أن يعتمد على أدواته التي خلفها له الاحتلال أو المنتفعين منه ومن أموال العراق التي ينثرها يميناً وشماً وشذر مذر بعد أن يسرق هو وجماعته الكمية الأوفر منها.

لسنا نحلم، ولم نكن حالمين عندما وصفنا سابقاً ما يجري الآن، لسنا نحلم عندما نقول إن يوماً قريباً سيأتي سيستيقظ المالكي فيه من نومه ليجد على رأسه عراقيا ًثائراًً يأمره بأن يمد يده ليضع فيها الجامعة الحديد ويأخذه، لا إلى جهة مجهولة كما يأخذون الأبرياء العراقيين هم، وإنما إلى محكمة الشعب لينال جزاءه العادل وليتعرف هناك على العدل الذي ما عرفه في حياته مرة.

6/2/2014