ما العمل؟

سامي مهدي

في خضم أحداث الأسبوع الماضي، ظهر هناك من يتصور أن تقسيم البلاد هو الحل المناسب لمشاكلها السياسية الراهنة، فراح يدعو إليه ويروّجه، دون النظر إلى ما سيحدث بعد التقسيم.

أصحاب هذا التصور يظنون أن التقسيم سينهي هذه المشاكل، ويرضي النفوس، إذ سيمكّن سكان الأقاليم من التمتع بأبهة السلطة والإدارة، وحل مشاكلهم الخاصة بأنفسهم، وتنمية أقاليمهم على نحو ما يريدون، وبذلك تسقط ذرائع المتحدثين عن الإقصاء والتهميش والغبن والهيمنة، وما إلى ذلك مما يشتكى منه اليوم.

غير أن أصحاب هذا التصور لم يفكروا، على ما يبدو، بما سيحدث بعد التقسيم من مشاكل جديدة حول اقتسام عوائد البلاد، وحدود الأقاليم، وحصص النفط والغاز والمياه، وغيرها، لتظهر إلى الوجود (كردستانات) جديدة، بما يعنيه ذلك من مشاكل عويصة ونزاعات مستعصية. وأكثر من ذلك أن أصحاب هذا التصور لم يفكروا بما ستكون عليه أوضاع المحافظات المختلطة مثل: بغداد، وكركوك، وديالى، والبصرة، وما يمكن أن يحدث فيها من احتكاكات، ونزاعات، وتصفيات، وتهجيرات، وهجرات، يكون ضحيتها كلها المواطن البسيط.

الحل الصحيح، كما أرى، هو الحل الذي يحفظ للعراق وحدته الوطنية وعناصر قوته في وسط إقليمي مضطرب ومتناحر، للدول المحيطة به امتداداتها وأطماعها فيه، وهي تريده عراقاً مقسماً ضعيفاً، مشغولاً بمشاكله الداخلية، ومستنزفاً، وقابلاً للاختراق، ومهيئاً لتنفيذ أجندتها الخاصة. ويتجسد هذا الحل في وضع دستور جديد لدولة مدنية ديمقراطية يتمتع كل مواطن فيها بحقوق المواطنة الكاملة، حيث لا تمييز بين جماعة وجماعة، وبين مواطن آخر أياً كان دينه ومذهبه وانتماؤه العرقي، والتخلي عن الحلول التلفيقية، والشراكات الزائفة، والوعود الكاذبة، التي لا تفضي إلاّ إلى هدنات مؤقتة وانفجارات موسمية.

4/1/2014