(الحيزبون) قلقة جدا!
السيد زهره
آن باترسون، كانت سفيرة أمريكا في مصر أثناء العام الأسود من حكم الإخوان إلى ما
بعد سقوطهم بقليل. الشعب المصري أطلق عليها اسم "الحيزبون"، وفي المظاهرات التي
انطلقت أيام حكم الإخوان وفي ثورة 30 يونيو، رفع المتظاهرون شعار "أيتها الحيزبون
عودي الى بلادك".
الشعب المصري طالب في ذلك الوقت بطرد باترسون من مصر، ونجح في ذلك بالفعل. وكان
السبب، كما كتبت في هذا المكان أكثر من مرة، انحيازها الفاضح للإخوان المسلمين
واستماتتها في الدفاع عنهم وتآمرها معهم، وسخريتها من الشعب المصري ومن قدرته على
الإطاحة بالإخوان. وظلت حتى آخر لحظة تؤكد للإدارة الأمريكية أن الإخوان لن يسقطوا.
طبعاً، كان سقوط حكم الإخوان فضيحة سياسية ومهنية لها. ولم يكن بمقدور الإدارة
الأمريكية أن تبقيها في مصر في ظل كل هذا الرفض الشعبي والمطالبة برحيلها، وقامت
بالفعل بسحبها من مصر.
نقول هذا كخلفية لفهم التصريحات التي أدلت بها قبل يومين عن الأوضاع في مصر بصفتها
الجديدة بعد أن تم تعيينها في منصب مساعدة وزير الخارجية لشئون الشرق الأدنى.
في أول حديث صحفي تدلي به، بعد تعيينها، سئلت، من بين أمور أخرى، عن رأيها في
احتمال أن يصبح المشير السيسي الرئيس القادم لمصر، وطبيعة العلاقة معه.
أجابت: "العلاقات الشخصية معه جيدة.. مع السفراء بالطبع، بمن فيهم أنا، ومع وزير
الدفاع هيغل، ووزير الخارجية كيري، وكثيرين في كابيتول هيل".
ثم اضافت: "ولكن، بالتأكيد ليس سراً، أننا قلقون أشد القلق حول حرية الصحافة، وحرية
الجمعيات والمنظمات، وكل الأمور الأخرى التي أصبحت موضع تساؤل في مصر".
ثلاث ملاحظات لا بد من إبدائها حول ما قالته ودواعي قلقها:
1 - ما دخلها هي، أو إدارتها الأمريكية، بالحرية أو أي أوضاع داخلية في مصر، كي
تقلق أو لا تقلق عليها؟
ألا تعلم أن هذه أمور داخلية، وأن الشعب المصري وحده هو الذي له الحق في أن يقيّم
أوضاعه الداخلية، ويتخذ إزاءها أي موقف يشاء؟
لكن، هي طبعاً، العنصرية والعنجهية الأمريكية، التي تجعل أي مسئول أمريكي في أي بلد
عربي يتصور أن له الحق في أن يدسّ أنفه في أي شأن داخلي، وأن يفتي بما يشاء.
2 - وعلى أي أساس تفترض أن هناك خوفاً على الحريات في مصر، الآن، أو إذا تولى
السيسي الرئاسة؟
وألا تعرف أن الشعب المصري يخوض الآن حرباً شرسة ضد الإرهاب الأسود، وأن الأولوية
المطلقة له اليوم ومستقبلاً، هي إعادة الأمن والاستقرار والقضاء على هذا الخطر
الإرهابي؟
وألا تعلم أن الذين تلمح إلى أن حريات الإعلام محجوبة عنهم، أي حلفاءها من الإخوان،
هم إرهابيون يسعون إلى حرق البلاد؟
3 – حقيقة الأمر أنها حين تقول هذا الكلام، فلا تعني ما تقوله بالضبط. لا تعني أنه
يهمها أو يهم الإدارة الأمريكية فعلا أمر الحريات في مصر، ولا أمر الشعب المصري
برمّته في شيء.
هي بهذا الكلام تقصد أمراً محدداً. تقصد أنها قلقة أشد القلق على حريات اللوبي
الأمريكي في مصر في السياسة وفي الإعلام، وعلى حريات المنظمات الأمريكية المشبوهة
التي أدينت بالفعل بالتآمر على مصر وشعبها.
باترسون، تخشى أنه إذا أصبح السيسي رئيساً، سوف يتم حرمان هذا اللوبي وحرمان هذه
المنظمات من "حريات" التآمر والتخريب في مصر.
بالإضافة إلى ما سبق، أعربت باترسون عن قلقها الشديد من أمر آخر.
تحدثت عما اعتبرت أنها حملة واسعة في الصحافة والإعلام المصري معادية لأمريكا.
وقالت: "إنها لعبة خطرة جداً، لأنك يمكن أن تثير الرأي العام، ثم تصبح أنت نفسك
أسيراً للرأي العام".
دعك من العبارة الفلسفية الأخيرة التي لا موضع ولا معنى لها. هي تتحدث كما لو أن
حملة الانتقادات لأمريكا في مصر، حملة ظالمة بلا أي سبب أو مبرر، وكما لو أن أمريكا
بريئة براءة الأطفال لم ترتكب أي خطأ في مصر وبحق المصريين يستوجب النقد.
باترسون بالذات تعلم أكثر من أي أحد آخر أن أمريكا مجرمة بحق مصر والمصريين، ويكفي
تحالفها وتآمرها مع جماعة الإخوان الإرهابية. والقصة معروفة الآن بتفاصيلها.
قد يبدو غريباً حقاً أن المسئولين الأمريكيين من أمثال باترسون وغيرها، غير قادرين
على الإطلاق على فهم ما جرى ويجري في مصر والدول العربية، وعن فهم أسباب الغضب
الشعبي تجاه أمريكا.
هذه هي معضلة أمريكا معنا. معضلتها أنها، مهما حدث، عاجزة ولا تريد أصلاً أن تتخلى
عن مواقفها العدائية تجاه دولنا وشعوبنا، ولا عن مخططاتها ومؤامراتها التي تستهدف
دولنا.
عموماً، باترسون حين تقول: "نحن قلقون جداً" تظن فيما يبدو أن هذا أمر خطير يجب أن
يقلق المصريين ويزعجهم. أبداً.. اقلقوا براحتكم.
1/2/2014