قضاؤنا.. ولو كره العنصريون والمتآمرون

السيد زهره

هذا أمر في منتهى الغرابة، ومستفز إلى أقصى حدود الاستفزاز.

نعني هذه التدخلات السافرة في شئون قضائنا، والانتقادات له، والتشكيك في أحكامه.

في الفترة القليلة الماضية، وجدنا حكومات غربية ومنظمات دولية، وحتى محللين غربيين، تفعل هذا مع قضاء البحرين، وقضاء مصر، ومع دول عربية أخرى أيضا.

تابعنا بيانات رسمية، وتصريحات لمسئولين في دول أو منظمات، تطالب مثلا بالإفراج عن سجناء بعينهم في البحرين وفي مصر، أو يطالبون بوقف محاكمات، أو ينتقدون أحكاما قضائية بشكل عام.

وهؤلاء في بياناتهم وتصريحاتهم يستخدمون تعبيرات غريبة ومستفزة، من قبيل، ضرورة الإفراج الفوري، أو ضرورة إسقاط التهم، أو إلغاء الأحكام التي صدرت بحق متهمين أدينوا.. وهكذا.

هم في الغرب لا يتورعون عن المطالبة بهذا على الرغم من أن الذين يطالبون بالإفراج عنهم أو إسقاط الأحكام والتهم الموجهة إليهم، إما صدرت ضدهم أحكام قضائية نهائية بعد استنفاذ كل مراحل التقاضي، وإما أن المحاكم تنظر في اتهامات موجهة إليهم وقد تدينهم أو تبرئهم.

ومع العلم ان بعض هؤلاء الذي أدانهم القضاء وأصدر عليهم أحكامه، أدينوا في قضايا خطيرة تمس صميم الأمن الوطني للبلاد.

الأمر الوحيد الذي يمكن ان نقبله من هؤلاء أو أي احد أو منظمة، هو المطالبة بأن تتوافر في أي محاكمة معايير العدالة المتعارف عليها في العالم.

لكن ما معنى أن يعطوا لأنفسهم الحق في أن يتخذوا هذا الموقف من قضائنا؟

بداية، هذا تدخل سافر في شأن هو من صميم الشئون الداخلية لأي دولة في العالم. وليست هناك دولة في العالم تقبل مثل هذا التدخل السافر في شئون قضائها والتشكيك في أحكامه، وخصوصا إذا كانت ضمانات المحاكمات العادلة المتعارف عليها يتم احترامها كما هو الحال في البحرين.

وهم في الغرب، الذين يظنون أنفسهم أساتذة الديمقراطية في العالم، يعلمون جيدا أن استقلال المؤسسات واحترام استقلالها، هو جوهر وركيزة الديمقراطية.

ومعنى أن يعطوا لأنفسهم حق التدخل في شئون قضائنا على هذا النحو ولا يحترمون استقلاله ويريدون منا أيضا ان نفعل هذا.. معناه أنهم أنفسهم لا يكنون أي احترام للديمقراطية إذا تعلق الأمر بدولنا، ويريدون منا أيضا ان ننسف جوهر الديمقراطية وأن نهدم مقومات أساسية للدولة.

وهم في الغرب يعلمون جيدا أن القضاء وأحكامه في أي بلد هو أحد الركائز والضمانات الكبرى لتحقيق أمن واستقرار البلاد والمجتمع وحمايتها من الأخطار والتهديدات.

ومعنى هذا أنهم بموقفهم هذا من قضائنا وأحكامه لا ينشدون أي حق أو أي عدل كما يزعمون ببجاحة، ولكنهم في حقيقة الأمر يريدون تقويض أمننا واستقرارنا ويريدون إشاعة الفوضى.

الأمر العجيب أنهم في الغرب، وحين يتعلق الأمر بقضائهم وأحكامه، لا يجرؤ أي مسئول ولا أي منظمة أو كاتب، أن ينتقد أحكامه أيا كانت أو يشكك فيها أو يطالب بإلغائها. هم في الغرب يعتبرون هذا خطا أحمر لا يجوز الاقتراب منه.

فلماذا إذن يتخذون هذا الموقف المستفز من دولنا ومن قضائنا؟

هي أولا، عنصرية قبيحة فجة.

هم في الغرب يظنون أن دولنا أقل شأنا من دولهم، وأن ما لا يقبلونه على أنفسهم، لا بد أن نقبله نحن على أنفسنا. يحترمون قضاءهم ولا يجرؤن على التدخل في شئونه، لكنهم لا يجدون بأسا من التدخل السافر في شئون قضائنا بهذا الشكل المستفز.

وهم في الغرب يتصرفون ويتخذون مثل هذه المواقف كما لو كان لهم حق الوصاية علينا، وحق أن يعلمونا ما يجب وما لا يجب.

لكن حقيقة الأمر أنهم بعنصريتهم هذه آخر من يحق له أن يتدخل في شئوننا أو يلقي علينا الدروس في أي شيء.

وهم في الغرب يتخذون هذا الموقف من قضائنا لأن هذا يأتي في سياق أهدافهم ومواقفهم التآمرية من دولنا.

لنلاحظ أنهم، سواء في البحرين أو في مصر، يطالبون بالإفراج أو إسقاط الأحكام أو وقف المحاكمات لأشخاص وقوى محددة فقط. هم يريدون هذا للأشخاص والقوى المحسوبة عليهم، أي التي يعتبرون أنها تخدم أجنداتهم المشبوهة تجاه دولنا ومجتمعاتنا.

عموما، هذه المواقف العنصرية التآمرية ليست جديدة. وهذا الذي يطالبون به فيما يتعلق بقضائنا، ما هو إلا جزء من مخططاتهم التآمرية التي تريد الشر لدولنا ومجتمعاتنا.

ويبقى في كل الأحوال أننا نعتز أشد الاعتزاز بقضائنا.

قضاؤنا محترم وله عظيم المكانة والتقدير.. ولو كره هؤلاء العنصريون والمتآمرون.

10/2/2014