استفتاء الدستور ومستقبل مصر

السيد زهره

يدلي المصريون في الخارج هذه الأيام بأصواتهم في الاستفتاء على الدستور الجديد. وفي يومي 14 و15 هذا الشهر، سيجرى الاستفتاء على الدستور في مصر.

أهمية هذا الاستفتاء أهم وأبعد بكثير جدا من مجرد أنه سيحدد مصير الدستور بالموافقة أو الرفض.

ليس من المبالغة القول إن هذا الاستفتاء هو من أهم الخطوات التي سوف تحدد مستقبل مصر.

بداية، لا بد من تسجيل أن مشروع الدستور المطروح للاستفتاء، وقد قرأته بعناية، هو بالفعل كما قال الكثيرون، من أفضل الدساتير المصرية على الإطلاق، من حيث ما يتضمنه من مبادئ ومن حقوق وحريات، ومن حيث أسس الدولة والنظام التي يرسيها. ولا يقلل من هذا بأن يكون للبعض تحفظات على بعض المواد. هذا أمر طبيعي.

ومن ثم، فإن إقرار الدستور سوف يمثل بحد ذاته تحولاً تاريخياً في مصر نحو مستقبل أفضل.

وهذا الاستفتاء هو الخطوة الأهم والأكبر على طريق تنفيذ خريطة الطريق التي توافقت عليها القوى السياسية الوطنية والشعب في أعقاب ثورة 30 يونيو وإسقاط حكم الإخوان المسلمين.

وبالتالي، سيكون الاستفتاء وإقرار الدستور الجديد من أكبر عوامل الاستقرار السياسي والعملي في مصر.

فإذا كانت الملايين الحاشدة التي خرجت في مصر في 30 يونيو قد أعطت الشرعية مسبقاً لخريطة الطريق، فإن الاستفتاء وإقرار الدستور هو الذي سيكرِّس هذه الشرعية رسمياً ودستورياً.

نتيجة هذا الاستفتاء ستكون إعلاناً شعبياً ورسمياً أن مصر الجديدة التي ولدت بعد سقوط حكم الإخوان ماضية في طريقها بقوة وعزم وليست هناك قوة في العالم تستطيع أن تقف أمامها أو تعرقل مسيرتها، ستكون إعلاناً شعبياً للعالم كله بأن كل من لا يزال يتوهم بأن هذه المسيرة يمكن أن تتوقف أو تنتكس، واهم، وكل من لا يزال يراهن على الإخوان أو من هم على شاكلتهم خاسر خسراناً مبيناً.

هذا أمر له أهمية حاسمة بالنسبة إلى مستقبل مصر. فكما نعلم، هناك دول عربية وأجنبية مازالت تدعم الإخوان المسلمين وإرهابهم الذي يمارسونه بكل سبل الدعم. هذه الدول تدعم الإخوان وإرهابهم ليس أملاً في عودتهم أو حتى في أن يكونوا لاعباً سياسياً مهماً في مصر، فهم يعلمون أن هذه صفحة طويت في تاريخ مصر. هم يدعمونهم على أمل أن يستطيعوا إغراق مصر في الفوضى والعنف والإرهاب، وعلى أمل أن تتعطل مسيرة العهد الجديد في مصر.

ونتيجة الاستفتاء سوف تكون لطمة لهؤلاء وتضع حدا لأوهامهم، وسوف تخرس كل من مازالت لديهم الجرأة والصفاقة ونوايا الشر ممن يتحدثون عن الانقلاب المزعوم وسلطة الانقلاب في مصر.

ولأن الاستفتاء له هذه الأهمية، فليس غريباً أن جماعة الإخوان الإرهابية والدول والقوى التي تدعمهم وتقف وراءهم، يحاولون تصعيد أعمال العنف والإرهاب في مصر قبيل الاستفتاء على أمل أن يتمكنوا من عرقلته أو إفشاله بأي شكل من الأشكال.

هم يفعلون هذا لأنهم يعلمون أن هذه هي معركتهم الأخيرة، وأنه بعد هذا الاستفتاء، سيعرف العالم، وسيعلم حتى الذين يقفون وراء الإخوان، أن صفحتهم في مصر طويت بلا رجعة، وأن الرهان عليهم في أي شيء بات ضرباً من الأوهام.

وكل أملهم اليوم عبر تصعيد العف والإرهاب هو أن يروعوا المصريين ويردعوهم عن التوجه إلى صناديق التصويت بكثافة.

وعلى ضوء ما سبق، يتضح أن المهم جداً في هذا الاستفتاء ليس فقط نتيجته بالموافقة على الدستور الجديد، وإنما قبل هذا نسبة المشاركة فيه.

نسبة المشاركة العالية ستكون بمثابة ثورة يونيو الثانية، هي التي ستدشن مصر الجديدة المستقرة الماضية في طريقها إلى الأمام.

ولهذا، فإن المصريين في داخل مصر وخارجها مدعوون جميعا إلى المشاركة بكثافة في هذا الاستفتاء بغض النظر عن تصويتهم بنعم أو لا للدستور. فمشاركتهم بحد ذاتها هي انتصار للشعب وإرادته.

وزير القوى العاملة المصري كمال أبوعيطة قال إن المشاركة في الاستفتاء على الدستور هو "شبيه بتصدي شعب مصر للتتار وطردهم للهكسوس والعدوان الثلاثي على مصر".

ومع ما يبدو في هذا التشبيه من مبالغة، فإن هذا الكلام صحيح فعلاً في جانب أساسي منه. فانتصار الشعب المصري في معركة الاستفتاء هو رد لعدوان غاشم، وهو ردع لقوى إرهابية وإعلان شعبي رسمي بإحباط مخططاتها ومؤامراتها على مصر. هو إعلان بتحرر مصر من قوى الظلام والشر والتآمر، والمضي قدما في صناعة مستقبل أفضل.

والأمر الذي لا شك فيه أن شعب مصر الذي أبهر العالم في 25 يناير، وحقق معجزة غير مسبوقة في 30 يونيو، قادر على إبهار العالم هذه المرة أيضاً.

11/1/2014