من ينقذ أوطاننا من (فخ الديمقراطية)؟!

بقلم السيد زهره

سؤال وجيه: هل نحن بحاجة فعلاً إلى انتخابات في ظروفنا الحالية؟

"فخ الديمقراطية" تعبير ليس من عندي هذا تعبير شاع استخدامه في السنوات الماضية. استخدمه مفكرون ومحللون سياسيون في مختلف انحاء العالم.

استخدموا هذا التعبير بمعان وفي سياقات مختلفة. لكن استخدامه ارتبط في الغالب الأعم، وهذا هو ما يعنينا هنا، بمعنى رئيس محدد، وهو ان الديمقراطية الغربية، أي الديمقراطية وفقا للصيغة الغربية، هي بالنسبة لدول العالم غير الغربي، وخصوصاً بالنسبة للدول العربية والدول النامية عامة، هي (فخ) منصوب لهذه الدول.

بعبارة أخرى، المقصود بذلك هو التحذير من محاولة فرض الديمقراطية الغربية على الدول غير الغربية على نحو ما تسعى أمريكا والدول الغربية الأخرى إليه. تحذير هذه الدول من (فخ) يراد نصبه لها، إن هي وقعت فيه، فسوف تترتب على ذلك نتائج وتبعات كارثية.

لقد سبق لي أن ناقشت بشيء من التفصيل هذه القضية، قضية الكوارث التي حلت بدولنا العربية من جراء محاولة فرض النموذج الغربي للديمقراطية على دولنا ومجتمعاتنا، وذلك في مقالين طويلين بعنوان (نكبة الديمقراطية).

ومع هذا، من المهم أن نتأمل بعضاً من الأفكار التي طرحها بعض المحللين في العالم حول (فخ الديمقراطية) هذا، وخصوصاً فيما يتعلق بدولنا العربية.

وسأستعرض في هذا المقال بعضاً من الأفكار التي طرحت في هذا الشأن.

***

تحذير صيني للعرب

لعل أبرز تحذير للدول العربية من الوقوع في فخ الديمقراطية الغربية، كان التحذير الذي وجهه أستاذ صيني هو الدكتور دينج لونج، الأستاذ في الجامعة الدولية للاقتصاد والأعمال.

الأستاذ الصيني كتب قبل فترة مقالاً نشرته صحيفة "الشعب" الصينية وجه فيه هذا التحذير إلى الدول النامية عامة، والدول العربية خاصة. واستشهد فيما طرحه من افكار بالتطورات في مصر وما يجري فيها.

قال بداية، أن ما تشهده مصر من اضطرابات، ومن تهديدات للأمن والاستقرار ليس أمراً غريباً، فهذه الاضطرابات في رأيه لصيقة بالديمقراطية الغربية ومحاولة فرضها على دولة مثل مصر أو غيرها.

ثم يعرض الأستاذ الصيني أفكاره فيما يتعلق بفخ الديمقراطية الغربية، ولماذا أن هذه الصيغة خطر على الدول العربية والدول النامية. وتتلخص أفكاره في الجوانب التالية:

1 - أن التحول الديمقراطي، وخصوصاً إذا أريد له أن يكون على النمط الغربي، هو تطور سابق لأوانه بالنسبة لعديد من الدول النامية، ومنها الدول العربية بالطبع.

والسبب في ذلك في تقديره أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ودرجة التنمية في هذه المجالات، تعجز عن مواكبة هذا التحول.

ولهذا، يرتبط بأي محاولة لفرض النموذج الغربي، تفجر الصراعات الدينية والاثنية والطائفية الكامنة، في مرحلة التحول هذه.

2 - أن الديمقراطية تعني أكثر بكثير من مجرد إجراء الانتخابات والفوز فيها.

جوهر الديمقراطية يكمن في وجود الثقافة الديمقراطية، والاستعداد للتوافق بين القوى والجماعات السياسية والاجتماعية. وهذه الثقافة ليست راسخة بعد في الدول العربية، والدول النامية عموما.

ويقول أنه بسبب غياب هذه الثقافة وهذا لاستعداد في مصر، أن القوى السياسية نظرت إلى عملية التحول الديمقراطي على اعتبار أنها (لعبة صفرية)، بمعنى أنها تعني إما الانتصار الكامل أو الهزيمة الكاملة، وأن انتصار طرف يعني إقصاء الآخر.

3 - أنه في حالة مصر أيضاً، فأن لتدهور الوضع الاقتصادي دور أساسي في الاضطرابات السياسية.

ولهذا، يجب في رأيه أن تعطي مصر الأولوية الأولى والمطلقة لإعادة الأمن والاستقرار، ولمحاولة ترسيخ ثقافة المصالحة الديمقراطية، قبل العودة إلى الطريق الديمقراطي.

ويخلص الأستاذ الصيني في تحليله إلى أن الديمقراطية في الدول النامية تتطلب مرحلة تحضيرية، يتم خلالها إعطاء الأولوية للنهوض بالاقتصاد، وتحقيق الاستقرار، وتقوية المنظمات الاجتماعية والمجتمع المدني وترسيخ الثقافة الديمقراطية.

أما ماعدا ذلك، فأن أي محاولة لفرض أو تطبيق النموذج الديمقراطي الغربي دون مراعاة لظروف وأوضاع الدول النامية، فأنه يقود في تقديره إلى نتائج وأوضاع كارثية مدمرة.

***

يريدون هدم البيت

وبمناسبة تحليل الأستاذ الصيني، هم في الصين مهتمون جداً بهذه القضية بحكم أنهم هم أنفسهم مستهدفون أيضاً من الغرب. وهم في الصين يتابعون بدقة شديدة التطورات التي حدثت في الدول العربية في ظل ما أسمي "الربيع العربي"، ويعتبرون أن هذه التجرية، وتجربة مصر بالذات، قدمت لهم خدمة عظيمة ودروساً عظيمة.

ولهذا، تنشر في الصين تحليلات مهمة جداً بالنسبة لنا في الدول العربية. لكن للأسف، الكثيرون جداً لا يتابعونها، فأغلبنا أسرى لما ينشر في الغرب فقط.

وفي الفترة القليلة الماضية، نشرت تحليلات كثيرة عن هذه القضية التي نتحدث عنها، قضية (فخ الديمقراطية) الغربية.

مثلاً، صحيفة "الشعب" الصينية، نشرت قبل فترة تحليلاً مهما ناقشت فيه تفصيلاً الأوضاع في مصر، واستعرضت التحديات التي تواجهها مصر في الوقت الحاضر.

هذا التحليل يرصد، كيف تحول "الربيع العربي" إلى "خريف عربي" ثم إلى "شتاء عربي".

ويرصد التحليل ما حل بمصر من عدم استقرار، ومن تدهور شديد لحال الاقتصاد، بحيث أن الاقتصاد المصري في تقدير التحليل تراجع 15 إلى 20 عاماً إلى الوراء.

ويعتبر التحليل أن ما حل بمصر على هذا النحو والتجربة التي شهدتها عموماً في السنوات الثلاث الماضية، هو درس عظيم للمصريين، وللصين أيضاً.

ومحصلة هذا الدرس هو الانتباه إلى الضرورة القصوى لعدم الوقوع في (فخ الديمقراطية) الذي يريد أن ينصبه الغرب للصين وللدول العربية.

يقول هذا التحليل أنهاإذا اعتبرنا أن النظام في الصين، والنظام في الدول العربية، هو بيت، فأنهم في الغرب يريدون عبر (فخ الديمقراطية) هذا، تفكيك وهدم هذا البيت.

ويذكر أنه بدلاً من هذا، يجب تركيز الجهود على "تنظيف" هذا البيت وترميمه وإزالة الغبار والأوساخ العالقة به. يعني بهذا، القيام بالإصلاحات الضرورية المطلوبة بشكل تدريجي، وبما من شأنه إصلاح البيت لا هدمه.

مجلة صينية أخرى، هي مجلة "كيوشي" وهي ناطقة باسم الحزب الشيوعي الصيني، ناقشت أيضاً مسألة (فخ الديمقراطية) الغربي.

ذكرت المجلة: "في واقع الأمر، فأن الديمقراطية التي تريد الدول الغربية تصديرها إلى دول العالم غير الغربي، عادة ما تقود إلى الانقسامات الاجتماعية، وتفجر العداوات والصراعات الإثنية والطائفية، وإلى عدم استقرار لا نهاية له".

وقالت أن هذا هو بالضبط ما يجب أن نطلق عليه (فخ الديمقراطية).

***

هكذا يدمرون إفريقيا

ومن أهم التحليلات التي نشرت عن هذه القضية في الفترة الماضية، تحليل في غاية الأهمية كتبه (توماس ماونتين)، وهو كاتب ومحلل غربي مقيم في أفريقيا منذ سنين طويلة.

التحليل عنوانه (تدمير إفريقيا بالديمقراطية الغربية). ويستحق أن نتوقف عنده بقدر من التفصيل.

الفكرة الجوهرية التي يطرحها أنه يجري تدمير إفريقيا بشكل مخطط ومنظم، وأن الأداة الأساسية لهذا التدمير هي النموذج الغربي للديمقراطية وفرضه على الدول الإفريقية.

يقول الكاتب بداية ان الديمقراطية في جوهرها تعني، أن يحقق القادة ارادة الشعوب ومطالبها.

ويقول أنك إذا سألت أي مواطن إفريقي عما يريده، وعن المطالب التي يريد من القادة تحقيقها، فسوف تتمثل إجابته في المطالب والآمال التالية:

1 - ما يكفي من الطعام.

2 - مياه نظيفة يشربها.

3 - سقف بيت يأويه.

4 - رعاية صحية لائقة.

5 - تعليم مناسب لأطفاله.

هذه هي مطالب وأولويات المواطن الإفريقي. أما الانتخابات، فهي في رأي الكاتب، تأتي في آخر قائمة ما يريده الأفارقة، وآخر ما يتوقعون من القادة أن يحققوه.

ويقول الكاتب أنه حين يسعى القادة إلى تلبية المطالب الخمسة السابقة، فمعنى هذا أنهم يمارسون الديمقراطية فعليا، على اعتبار أن هذه هي مطالب الشعب وإذا عجزوا عن ذلك، فمعنى هذا أنهم ليسوا ديمقراطيين، حتى لو أشاد بهم سادة الاستعمار الغربي السابقون.

ويقول الكاتب أن كل الدول الإفريقية تقريباً أصبحت واقعة في "فخ الانتخابات الديمقراطية الغربية".

وماذا كانت النتيجة؟. يقول: أينما تنظر في إفريقيا، سوف ترى حروباً وصراعات في الدول التي وقعت في هذا الفخ.

وقد وصل الأمر إلى درجة أنه اذا جرت الانتخابات في دولة إفريقية بدون اندلاع أعمال عنف واسعة، فأن هذا يعتبر في حد ذاته "انتصارا للديمقراطية الإفريقية".

***

استعمار جديد

في تقدير الكاتب أن الدول الغربية نصبت هذا الفخ للدول الإفريقية عن عمد، وأرادت تدمير إفريقيا عبره عن تخطيط.

وتفسيره لهذا أنه بعد الحرب العالمية الثانية، وجد المستعمرون الغربيون للدول الإفريقية أنه من المستحيل الاستمرار في احتلال هذه الدول بالشكل التقليدي. ولهذا لجأوا إلى شكل جديد من الاستعمار، وهو حكم إفريقيا والسيطرة عليها باستخدام "النموذج الديمقراطي الغربي".

وينبه الكاتب هنا إلى جانب مهم هو أن الدول الغربية تحاول فرض نموذجها للديمقراطية، على الرغم من أن الأفارقة مارسوا دوماً ديمقراطيتهم الخاصة، عبر مجالس الحكماء القادرة على إقناع كل الأطراف بالوصول إلى توافق يرضي الجميع.

ولم يكن في هذه الصيغة الديمقراطية الإفريقية، رابحون وخاسرون، أو مهزومون ومنتصرون، كما هو الحال في الديمقراطية الغربية.

وحين كان كل الأطراف يصلون إلى توافق حول قرار نهائي، كان الكل يلتزم باحترامه وبتطبيقه. وبهذا الشكل، كان يتم إقرار السلام.

وفيما يتعلق بالقرارات القومية، كان القادة من الملوك والحكام يتشاورون مع القبائل والعشائر.

الكاتب هنا يثير في الحقيقة قضية في غاية الأهمية. أن المجتمعات الإفريقية كان لديها بالفعل صيغتها الخاصة للديمقراطية التي تلائم ظروفها وأوضاعها الخاصة. لكن هذه الصيغة تم تدميرها عن عمد وعن قصد، والحيلولة دون تطويرها، وفرض النموذج الغربي بدلاً من ذلك.

ويثير هذا الكاتب الغربي وجهاً آخر للقضية.

ينقل عن كتاب صدر عام 1791 لمؤرخ غربي معادي للعنصرية والعبودية اسمه قسطنطين فولني قول المؤلف أنه بناء على ما شاهده في المعابد والمقابر الفرعونية في مصر، فأن الحضارة البشرية بدأت في إفريقيا على ضفاف النيل. ويقول أنه على ضفاف النيل، اكتشف المصريون والأفارقة العلوم والفنون في وقت كان باقي العالم غارقاً فيه في الهمجية. ويضيف أن هؤلاء الأفارقة علموا العالم معنى الحضارة والتحضر.

يذكر الكاتب هذا، ويقول أنه بالمقابل، فأن الولايات المتحدة الأمريكية منذ مولدها دولة عنصرية، وما زالت دولة عنصرية حتى هذه اللحظة.

ويقول أنه على الرغم من أن أمريكا يحكمها رئيس أسود، ولديها مدع عام أسود، وسفيرة في الأمم المتحدة سوداء، وكثير من الجنرالات السود، فأن من الوهم أن يتصور أحد أن أمريكا لم تعد عنصرية، أو أن السود تم إنصافهم في أمريكا.

يذكر هذا ليقول أن الحادث هو أن أمريكا العنصرية هذه تريد أن تصدر لإفريقيا (ديمقراطية ملاك وسادة العبيد).. إفريقيا بكل حضارتها وتحضرها وثقافتها وتقاليدها.

***

على من نضحك؟

ومن التحليلات المهمة التي نشرت وتتعلق بهذه القضية، تحليل لقاض مصري، اعتبره البعض جريئاً.

القاضي المصري هو المستشار نبيل صليب رئيس محكمة استئناف القاهرة، ونشر مقالاً في صحيفة "الأهرام" في سبتمبر 2011 بعنوان (على من نضحك؟).

القاضي تحدث ببساطة عن الديمقراطية الزائفة في مصر، ودعا صراحة إلى إلغاء الانتخابات واعتبر أنها عبث.

اعتبر بداية أن "الانتخابات فى بلدنا لا تفرز سوى أسوأ العناصر، بينما أجودها وأفضل الشخصيات والكفاءات المستحقة بجدارة للمناصب العليا تنأى بنفسها عن الترشح تجنباً لمهازل الانتخابات وما يشوبها من بلطجة وتجريح وتشويه للسمعة وتبادل الاتهامات، هذا بجانب تكلفتها غير المعقولة ولا المقبولة والتي لا يقدر عليها في أغلب الاحيان سوى من تحوم حول ثروته الشكوك والشبهات".

واعتبر أن استنساخ الانتخابات الغربية في مصر لا معنى له، ويقود إلى هذه النتيجة بسبب غياب الثقافة لدى الناخبين والأمية بكل معانيها، وقال أن "الانتخاب لا يصلح لمن لا يملك قوت يومه وليس لديه رفاهية الانتقاء والاختيار، بالإضافة إلى أن الناخب لا يعرف شيئاً عن السير الذاتية للمرشح ومزاياه ونقائصه وفكره ورؤاه للمستقبل".

وبناء على ذلك، عبر القاضي عن فكرته الجوهرية بقوله:

"أرى إلغاء الانتخابات مؤقتاً إذا كنا جادين حقاً وصادقين فى بدء صفحة مشرقة لهذا الوطن، وذلك لحين اختفاء الأمية وتأمين حياة المراطن المعيشية حتى على الأقل فى مستوياتها الدنيا، وحتى ما تتحرر إرادته وترتقي ثقافته، فإلغاء الانتخابات هو بداية طريق الإصلاح الحقيقي والخطوة الأولى الصحيحة في مشوار الألف ميل وبدونه فأننا نتخبط ونخدع أنفسنا بديمقراطية زائفة كما كنا نحيا منذ نحو ما يزيد على نصف القرن في ظل وهم كبير اسمه الانتخابات. وباختصار فإن الانتخابات كلمة حق يراد بها باطل، يتشدق بها كل ساع ومشتاق للسلطة".

وهو يقترح التفكير في بديل آخر للانتخابات، وكتب:

"كفكرة أولية متواضعة وعلى سبيل التجربة، فإني اقترح تشكيل لجنة من الحكماء أو لجنة قضائية أو لجنة مشتركة بكل محافظة لفحص طلبات كل المرشحين سواء للرئاسة مستقبلاً أو لعضوية مجلس الشعب واختيار أفضلهم لتمثيل المحافظة حسب سيرتهم الذاتية والمشهود لهم بالكفاءة والنزاهة".

طبعا ما أثاره القاضي يثير الجدل، ولكن بالتأكيد وجهة نظره تستحق التأمل.

***

شجاعة نحتاجها

هذه إذن بعض الأفكار التي أثارها محللون حول (فخ الديمقراطية) الغربية، والأخطار المرتبطة بمحاولات فرضها على العالم، وعلى دولنا العربية بالذات.

ولأنني سبق أن كتبت رأيي في هذه القضية بشيء من التفصيل في مقالات (نكبة الديمقراطية) سأكتفي ببعض ملاحظات سريعة.

1 - كما نرى، هذه الأفكار حول (فخ الديمقراطية) الغربية، وحول مخاطر فرضها على دولنا العربية، تستحق التأمل والتفكير.

القضية من المفروض أن تطرح للنقاش والجدل عربياً.

2 - بالنسبة لنا في الدول العربية، كما نعلم فأن التحذير من الأخطار والكوارث المرتبطة بهذا الفخ، ليست كلاماً افتراضياً ولا كلاماً نظرياً. دولنا العربية تعيش بالفعل هذه الأخطار والكوارث. ويكفي أن نتلفت حولنا ونرى ما حل بدولنا من صعود مخيف للقوى الطائفية، ومن حالة فوضى وعدم استقرار تعم أغلب دولنا.

3 - وكما نعلم، وكتبنا عشرات المرات، المسألة ليست أن ما يحل بدولنا من كوارث بسبب محاولة التطبيق الأعمى للنموذج الغربي للديمقراطية، هي مجرد تأثيرات عرضية، ولكنها تندرج في إطار مخططات موضوعة بالفعل من أمريكا والدول الغربية جوهرها استغلال هذه الديمقراطية كمدخل لاختراق دولنا ومجتمعاتنا ولتنفيذ مخططات إشاعة الفوضى وعدم الاستقرار وإشعال الصراعات السياسية والطائفية.

4 - الأمر المهم الذي يجب التنبيه له هنا أن الخروج من هذا الفخ، ومحاولة التوصل إلى صيغة ديمقراطية تأخذ بعين الاعتبار ظروف وأوضاع دولنا ومجتمعاتنا، وتحمينا من أخطار الديمقراطية الغربية، هو أمر يتطلب شجاعة سياسية وفكرية.

نعم.. يجب أن تكون لدينا الشجاعة لأن نرفض ما لا يتناسب مع ظروفنا، ولأن نقرر أننا لسنا ملزمين بالرضوخ للإرهاب الغربي وقبول صيغة الديمقراطية الغربية في تطبيقاتها العملية.

وعلى سبيل المثال فقط، وبمناسبة ما طرحه القاضي المصري فيما يتعلق بالانتخابات، فأن السؤال الوجيه الذي يجب أن نطرحه ونجيب عنه بصراحة ووضوح هو: هل فعلاً نحن بحاجة إلى انتخابات برلمانية الآن في ظل الظروف الحالية التي تعيشها دول مثل البحرين ومصر وغيرها من الدول العربية؟

هذا سؤال وجيه، لابد أن نناقشه بشجاعة بعيداً عن الإرهاب الغربي الذي يصر بأن مثل هذه الانتخابات لا بد أن تجري.

وعلى أي حال، هذه قضية مفتوحة للنقاش يجب أن يسهم فيها كل قادر على تقديم إسهام، وسنعود إليها حتماً في مقالات تالية.

11/2/2014