وماذا عن الجماعات الشيعية المتطرفة؟!

السيد زهره

حين تحدثت في ندوة أبوظبي عن (التعاون الاعلامي الإماراتي البحريني) عن الصفقة الأمريكية الإيرانية وتأثيراتها على البحرين والخليج العربي، وعرضت لجوانب من الأخطار المرتبطة بهذه الصفقة سواء بالنسبة إلى البحرين أو إلى باقي دول مجلس التعاون، سألني بعض الأخوة الخليجيين بعد انتهاء الندوة: ألا تظن أن حديثك عن الصفقة بهذا الشكل وعن هذه الأخطار ينطوي على قدر من المبالغة؟

قلت لهؤلاء الإخوة إن حقيقة الأمر أن هذه الصفقة تنطوي على جوانب أكثر خطورة مما ذكرت، وأنه على البحرين وكل دول المجلس التعاون أن تتوقع الأسوأ وأن تتصرف على هذا الأساس.

والحادث أنه يوما بعد يوم، تتأكد خطورة هذه الصفقة، وتتأكد حقيقة التواطؤ الأمريكي الإيراني على الدول العربية عامة ودول مجلس التعاون خاصة.

ويوما بعد يوم، يتأكد بصفة خاصة أن تحولاً استراتيجياً حدث بالفعل في التفكير الأمريكي. وقد لخصت هذا التحول في حديثي في أن الولايات المتحدة، ولاعتبارات وأسباب وحسابات كثيرة، تتجه نحو ما أسميته "تحالف ثلاثي جديد" بين أمريكا ايران والقوى الشيعية المرتبطة بإيران في المنطقة.

أقول هذا لأنه في الأيام القليلة الماضية، جاءت مواقف وتصريحات لمسئولين أمريكين، وأيضاً تحليلات لكتاب ومراكز أبحاث أمريكية تؤكد هذا التوجه الاستراتيجي الأمريكي الجديد.

وقد توقفت بصفة خاصة عند حديث مطول نشر قبل ثلاثة أيام مع (ويليام بيرنز)، نائب وزير الخارجية الأمريكي. و(بيرنز) هو الذي لعب كما سبق وذكرت الدور الأبرز في المحادثات السرية التي جرت بين أمريكا وإيران، والتي تم فيها صياغة التفاهمات الجديدة بين البلدين والملامح العامة للصفقة.

في الحديث، أثار (بيرنز) الكثير من القضايا المتعلقة بالعلاقات الأمريكية الإيرانية تستحق التوقف عندها، وقد نعود إليها لاحقاً.

لكن أكثر ما يلفت النظر فيما قاله في معرض تبريره للتفاهم مع إيران، وأهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه في رأيه في قضايا المنطقة وخصوصاً في سوريا.

(بيرنز) قال: إن الولايات المتحدة لديها دواع للقلق العميق من صعود ما أسماه "الجماعات السنية المتطرفة" في سوريا ومن تزايد وتمدد نفوذها، وقال أن وزير الخارجية الأمريكية تحدث مع السعودية بهذا الخصوص.

الذي يلمح إليه بيرنز هنا، هو ان دور ايران مهم وعلاقات امريكا الجديدة معها مهمة لمواجهة هذه «الجماعات السنية لمتطرفة» التي من الواضح ان امريكا تعتبر انها الخطر الاساسي في سوريا اليوم.

الأمر الملفت جداً هنا والذي يجب التوقف عنده مطولاً أن (بيرنز) في الوقت الذي تحدث فيه عن خطر ما أسماه "الجماعات السنية المتطرفة"، وفي الوقت الذي وضع فيه القضية في إطار طائفي على هذا النحو، لم يأت بذكر على الإطلاق ولو بكلمة واحدة للجماعات الشيعية المتطرفة في سوريا والدور الذي تلعبه.

هذا على الرغم من أن (بيرنز) يعلم جيداً أن هذه القوى والجماعات الشيعية هي التي بدأت الصراع الطائفي في سوريا، وهي التي أعطت منذ البداية للصراع في سوريا هذا البعد الطائفي.

أمريكا تعلم جيداً بالطبع أن آلافاً من قوات "حزب الله" تقاتل في سوريا منذ فترة طويلة بجانب قوات النظام السوري. وتعلم أن آلافاً من القوات والمليشيات الشيعية من إيران ومن العراق ودول أخرى تقاتل في سوريا.

وأمريكا تعلم جيداً أن هذه القوات والقوى والمليشيات الشيعية هي التي قاتلت في سوريا منذ البداية على أساس طائفي، وهي التي صورت الصراع في جانب أساسي منه منذ البداية على انه صراع بين "الشيعة والسنة" و"القوى السنية".

وأمريكا تعلم جيداً أن الأمر ليس قصراً على ما يجري في سوريا. من العراق، إلى اليمن إلى البحرين، إلى دول أخرى في المنطقة، تعلم أمريكا جيداً الدور الذي تلعبه إيران والقوى الشيعية التابعة لها والموالية لها في تأجيج الطائفية في المنطقة كلها.

إذن، ما معنى أن يأتي هذا المسئول الأمريكي الكبير ويتحدث فقط عن "الخطر الطائفي للجماعات السنية المتطرفة"، ويصمت تماماً عن الدور الطائفي الأكثر خطورة التي تلعبه إيران و"الجماعات الشيعية المتطرفة في سوريا والمنطقة"؟

ليس لهذا من معنى سوى أن امريكا تدعم دور هذه الجماعات والقوى الشيعية، أو في أحسن الأحوال، لا ترى أمريكا في دور هذه الجماعات وما تقوم به خطراً يستوجب الحديث عنه.

هذا موقف أمريكي واضح في عدائه للسنة في المنطقة.

إذن، حين نحذر من توجه استراتيجي أمريكي جديد على النحو الذي شرحناه، فنحن لا نبالغ. وحين نحذر من أنه يراد للبحرين بالذات ولدول مجلس التعاون أن تدفع ثمن هذا التوجه، وهذا التحالف الثلاثي الجديد الذي تريد أمريكا تدشينه، فنحن لا نبالغ.

الجديد في الأيام الماضية، أن محللين أمريكيين هم الذين بدأوا ينتقدون بعنف هذا التوجه الأمريكي، وهذه العلاقات الجديدة بين أمريكا وإيران، ويحذرون من مخاطرها على المنطقة.

وسنعود إلى ما يطرحه هؤلاء في مقال قادم بإذن الله.

20/1/2014