.. وهذه أمور لا تحتاج إلى حوار أو تفاوض

السيد زهره

الشيخ علي سلمان، الأمين العام لـ(جمعية الوفاق)، يحلو له في أحيان كثيرة أن يرتدي ثوب الحكيم والمفكر السياسي، العليم بفلسفات ونظريات وعلوم السياسة.

فعل هذا قبل أيام، حين قال أنه "من ناحية فلسفية ونظرية" هناك أمور وخطوات لا تحتاج إلى أي حوار أو مفاوضات.

وعدد الكثير من هذه الأمور التي لا تحتاج إلى حوار أو تفاوض في تقديره، منها كما قال "احترام الإنسان في البحرين كبشر، فالبشر لا يجوز استعبادهم" و"المواطنة غير القابلة للحوار، وأن ينظر للناس في البحرين على أنهم مواطنون، أي هم مصدر السلطات". وفي الحقيقة، طرح الشيخ علي سلمان أغلب ما تطالب به (الوفاق) باعتباره من الأمور التي لا تحتاج إلى حوار أو تفاوض فيما يتعلق مثلا بالمحاكمات، والتمييز، والتجنيس وقمع الحريات وتطبيق توصيات بسيوني.. وهكذا.

ولسنا نريد هنا أن نناقش ما قاله على هذا النحو "من منطلق فلسفته ونظرياته". نتساءل فقط: إذا كان يعتقد أنه، فلسفياً ونظرياً فإن كل مطالب (الوفاق) وكامل مشروعها بديهيات لا يحتاج تنفيذها إلى حوار، فما الذي سيجري التحاور حوله إذن؟ ولماذا يقبل هو التحاور أصلاً؟

بل إننا سنقول أن كلامه ينطوي بالفعل على قدر من الحكمة، وأن هناك بالفعل أموراً كثيرة تعتبر من البديهيات ولا تحتاج إلى حوار أو مفاوضات.

ونحب أن نلفت نظره إلى بعض هذه الأمور.

مثلاً، من الأمور التي ليست بحاجة إلى حوار أو تفاوض أو مماحكات، أن تعلن جمعية سياسية رسمية تخضع لقانون الجمعيات وشروطه، مثل (الوفاق)، أنها تعترف بشرعية النظام وبالدستور والميثاق والقوانين.

الأمر ليس بحاجة إلى حوار أو تفاوض لسبب بسيط هو أن (الوفاق) تستمد شرعية وجودها أصلاً من الدستور والميثاق والقانون، ومن دون اعترافها بهذه المواثيق، تعتبر رسمياً وقانونياً جمعية لا شرعية لوجودها.

وإعلان قادة (الوفاق) المتكرر أنهم لا يعترفون بشرعية النظام ولا بالدستور والميثاق والقانون، يعني عملياً وقانونياً أن جمعيتهم أصبحت جمعية انقلابية خارجة عن القانون، ويجب ليس حلها فقط، وإنما تقديم قادتها إلى المحاكمة.

ومثلاً، الأمر ليس بحاجة إلى حوار أو تفاوض، أن يكف علي سلمان، وتكف (جمعية الوفاق) عن أن تتحدث باسم الشعب، وعن طرح مشروعها ومطالبها الطائفية على اعتبار أنها باسم الشعب.

لا (الوفاق)، ولا أي جمعية سياسية، من حقها أن تزعم الحديث باسم كل الشعب أو التعبير عن كل الشعب. (الوفاق) لا تعبر حتى عن كل الشيعة في البحرين.

وإصرار علي سلمان و(الوفاق) على الحديث بلا توقف عن الشعب وباسم الشعب، غير أنه ادعاء باطل (بحكم الدستور والقانون)، وغير أنه اغتصاب لإرادة الشعب، ينطوي في حقيقة الأمر على إهانة لشعب البحرين. شعب البحرين ليس طائفياً، ولا يريد العنف أو يؤيد التحريض عليه. وشعب البحرين ليس تابعاً لقوى أجنبية معادية للبلاد. أليس هذا هو حال (الوفاق) التي تزعم الحديث باسم الشعب؟

ومثلاً، لا يحتاج الأمر إلى أي حوار أو تفاوض كي تتوقف (الوفاق) هي وأتباعها عن ممارسة العنف وعن التحريض عليه بأي شكل من الأشكال. هذه جرائم إرهابية بحق الوطن والمواطنين بحكم القانون وبحكم أي اعتبار وطني أو إنساني. ومن يمارسون العنف، أو يحرضون عليه أياً كانوا من قادة (الوفاق) أو من رجال الدين لديهم، مكانهم بحكم القانون هو ساحات القضاء كي يحاكموا على هذه الجرائم.

ومثلاً، الأمر لا يحتاج إلى حوار أو تفاوض كي تكف (الوفاق) أو أي قوة سياسية أخرى عن الاستقواء بالخارج، وعن التواطؤ والتآمر مع قوى أجنبية معادية للبحرين بأي شكل وعلى أي مستوى.

في العالم كله، يعتبر الاستقواء بالخارج والتواطؤ والتآمر مع قوة أجنبية على حساب الوطن والنظام الوطني، جريمة من جرائم الخيانة الوطنية بل في مقدمة جرائم الخيانة الوطنية.

والخيانة الوطنية في أي دولة في العالم ليست موضعاً لحوار أو تفاوض أو مساومة.

هذه فقط بعض الأمور التي ليست بحاجة فعلا إلى أي حوار أو تفاوض، بتعبير علي سلمان.

فلماذا إذن حين يتقمص دور الحكيم الفيلسوف، ويتحدث من منطلق (فلسفي نظري) عن أمور ليست بحاجة إلى حوار أو تفاوض، لا يلتزم بها أو ينفذها؟

لماذا بالنسبة إليه، الأمور التي ليست بحاجة إلى حوار أو تفاوض هي تلك فقط التي تعبر عن رؤيته الطائفية، وتعبر عن مشروعه ومطالبه الطائفية؟

28/1/2014