مصر التي لا يعرفها الخونة والمتآمرون

السيد زهره

حين خرج الشعب المصري في 30 يونيو في ثورته العارمة، كان هذا قرارا تاريخيا من الشعب أن حكم الإخوان المسلمين الفاشي المستعد للتفريط في الوطن إلى أبعد حد، لا بد أن يسقط، وأن يسترد الشعب وطنه وقراره.

وحين انحاز جيش مصر الوطني إلى الشعب وثورته، وأعلن خريطة جديدة للمستقبل، كان هذا تنفيذا لإرادة الشعب وقراره الذي اتخذه، وإعلانا بأنه من الآن فصاعدا، فإن شعب مصر وجيشه وكل قواه الوطنية مصرون على بناء مصر الجديدة.

وحين خرج المصريون وشاركوا في الاستفتاء على الدستور الجديد، وأيدوه بهذه الأغلبية الكاسحة، كان هذا إعلاناً جديداً من الشعب بأنه مصر على المضي في طريقه، وبأنه ليست هناك قوة في العالم قادرة على وقف مسيرته.. لا الإرهاب الأسود الأعمى في الداخل.. ولا القوى الأجنبية المتآمرة على مصر بدعمها لهذا الإرهاب.

وحين خرج الشعب المصري بكل هذه الحشود للاحتفال بذكرى ثورة 25 يناير، رغم العمليات الإرهابية الجبانة التي تصوَّر الإرهابيون أنها سوف ترعب المصريين وتمنعهم من الخروج من بيوتهم، كان هذا إعلانا آخر من الشعب بأنه أقوى من أي إرهاب، وبأنه آن للعالم كله أن يفهم للمرة الألف أنه لا عودة إلى الوراء، وان إرادة الشعب فوق كل إرادة.

هذه هي مصر التي لا يعرفها الخونة ولا المتآمرون.

الخونة هم بالطبع جماعة الإخوان الإرهابية، وكل القوى التي تقف اليوم في وجه إرادة الشعب المصري.

والمتآمرون هم بالطبع الدول والقوى الأجنبية التي تعادي مصر اليوم، وتدعم الإخوان وإرهابهم، بالمال والسلاح، والدعم المخابراتي والسياسي والإعلامي, وهؤلاء قوى معروفة للجميع.

الخونة والمتآمرون التقت كلمتهم وإرادتهم اليوم عند شيء واحد.. السعي إلى خراب مصر، وحتى حرقها، وإغراقها إن أمكن في الفوضى والدمار.

من الأهمية بمكان أن نفهم، لماذا يريد الخونة والمتآمرون ذلك؟.. ما الذي بالضبط يحركهم ويدفعهم للسعي إلى خراب مصر على هذا النحو؟

الخونة من الإخوان والجمعيات الإرهابية وكل من والاهم في داخل مصر، يعلمون تمام العلم أن الشعب المصري طوى صفحتهم إلى غير رجعة.. يعلمون تمام العلم أن الشعب المصري وضعهم اليوم، وخصوصا بعد إرهابهم الأسود الأعمى، في مصاف الأعداء.. يعلمون تمام العلم أن القرار الذي اتخذه شعب مصر، هو: لا عودة إلى هذه الجماعة الإرهابية ولا مكان لها في مصر المستقبل.

السؤال هو: إن كانوا يعلمون ذلك، فلماذا إذن يمارسون كل هذا الإرهاب؟.. ما الذي يريدونه إذن أو يتصورون أنهم سوف يحققونه من وراء هذا التدمير والقتل الأعمى للأبرياء؟

الجواب ببساطة شديد، إنهم يفعلون هذا لأنهم يريدون حرق مصر وخرابها وإسالة الدماء فيها كهدف في حد ذاته.

وهم يفكرون على هذا النحو ويمارسون إرهابهم على هذا النحو ولهذا الهدف لأنهم ببساطة ليس لديهم ذرة واحدة من الوطنية.. لا تجري في دمائهم قطرة واحدة من الوطنية المصرية، ولا حتى من الإنسانية ومن القيم الدينية.

بالنسبة إلى هؤلاء الخونة، مصر ليست وطنا ولا تهمهم أو تعنيهم في شيء، ولهذا، وطالما أن مصر وشعبها نبذتهم وحاصرتهم على هذا النحو، فلا باس لديهم أبدا من أن تتعرض للحرق والخراب والدمار.

هذا عن الخونة، فماذا عن المتآمرين؟

المتآمرون يعرفون أيضا ما يعرفه الخونة. وهم يلتقون مع الخونة في اعتبار أن حرق مصر وخرابها ومحاولة إغراقها في الفوضى والدمار، هدف في حد ذاته يسعون إليه.

المتآمرون يريدون ذلك، لأنهم ببساطة لا يريدون لمصر أن تصحو، ولا أن تقوى، ولا أن تسترد عافيتها، ولا ان تعود لدورها القيادي العربي والعالمي. ولكل قوة من القوة المتآمرة المعروفة، اسبابها ودوافعها لأن تفكر على هذا النحو.

ولهذا، تدعم هذه القوى المتآمرة الإرهاب في مصر، وتقوم بتوفير المال والسلاح والدعم المخابراتي والسياسي والإعلامي للإرهابيين.

الخونة والمتآمرون لا يعرفون مصر وشعبها، يتحلون بغباء منقطع النظير.

لو لم يكونوا كذلك، ولو أنهم يعرفون شيئا ولو يسيرا عن مصر وتاريخها وشعبها، لكانوا قد أدركوا أنهم ينتحرون بالمعنى السياسي الحرفي للكلمة، لكانوا قد أدركوا أن ما تشهده مصر اليوم هو صحوة تاريخية كبرى، وأن شعب مصر سيزيح من طريقه كل الخونة والإرهابيين والمتآمرين، ولن يكون بمقدور أحد أن يمنعه من السير في الطريق الذي اختاره لنفسه.

29/1/2014