أن نأمن لإيران.. جريمة

السيد زهره

الكاتبة الإيرانية، المقيمة في أمريكا، (كاميليا انتخابي فارد)، كتبت مؤخراً مقالاً عن علاقات إيران مع جيرانها العرب.

قالت إن العلاقات بين إيران والدول العربية المجاورة، وبين الشعب الإيراني وشعوب هذه الدول، كانت قبل ثورة الخميني علاقات طيبة على كثير من المستويات.

وروت الكاتبة حكاية، نقلاً عن أحد أصدقائها، كمثال يؤكد كيف كانت هذه العلاقات طيبة أيام الشاه. تنقل عن هذا الصديق قوله: كنا نعمل في جزيرة كيش، وأصيب أحد العمال بحادث، وكان أقرب مكان يمكن أن ننقله إليه لإسعافه، هو دبي. هرعنا إلى طائرة، واتصل الكابتن ببرج المراقبة في دبي عندما اقتربنا من أراضي الإمارات. وهبطت الطائرة، ولم نكن نملك أي جوازات أو وثائق سفر، ومع ذلك، ساعدونا على الذهاب إلى المستشفى على الفور.

تروي الكاتبة هذه الحكاية، وتقول أن العلاقات كانت طيبة عموماً بين إيران وجيرانها العرب على هذا النحو، إلى أن اندلعت "ثورة الخميني الإسلامية". وتقول أنه بدلاً من أن يسعى الخميني إلى تعزيز هذه العلاقات، فإنه دمرها. دمرها بإعلانه العزم على "تصدير الثورة الإسلامية" إلى الدول المجاورة.

الكاتبة تذكر هذا لتشير إلى أن إيران التي تسعى إلى فتح صفحة جديدة في علاقاتها مع أمريكا والغرب، من باب أولى أن تفتح صفحة جديدة مع جيرانها العرب.

تذكر الكاتبة الإيرانية هذا باختصار من دون أن تتوقف عن تفاصيل دور إيران التخريبي المدمر الذي تلعبه في دول الخليج العربية في إطار "التصدير" المزعوم للثورة، وفي إطار مخططاتها العدوانية التوسعية في المنطقة.

إيران لم تدمر فقط العلاقات التي كانت طيبة بشكل عام مع الدول العربية المجاورة، وإنما رفعت راية العداء لنا، وأفصحت عن أكثر النوايا والمخططات شراً وعدوانية تجاهنا.

لا نقول هذا اليوم كي نعيد سرد الجرائم التي ارتكبتها وترتكبها إيران ضد دولنا ومجتمعاتنا، ودعمها لقوى الانقلاب الطائفي في البحرين وغيرها، وتآمرها على دولنا، فهذا ملف أبعاده باتت معروفة بالتفصيل.

نقول هذا لأن هذا العداء الإيراني لدولنا ومجتمعاتنا يجب ألا يغيب عن بالنا اليوم، لا على الصعيد الرسمي ولا على الصعيد الشعبي، في الوقت الذي يحاول فيه البعض في الداخل والخارج، تصوير إيران في عهد روحاني كما لو كانت قد تغيرت، وكما لو كانت قد قررت فجأة أن تمد يد الصداقة والسلام إلى دولنا. وقادة إيران أنفسهم يروجون لهذا الزعم بحديثهم الذي لا يتوقف عن حرصهم المزعوم على العلاقات مع الدول العربية وعن عدم التدخل في شئوننا وما شابه ذلك من ادعاءات.

يكفي هنا ان نتأمل جيدا ما قاله السفير الأمريكي السابق (فرد هوف) قبل أيام في جلسة حوارية في الكونغرس الأمريكي.

أهمية ما قاله أنه ليس رأياً أو تحليلاً، وإنما معلومات. وليست أي معلومات. هذا المسئول الأمريكي شارك مؤخراً في جلسات مع مسئولين إيرانيين كبار فيما يعرف بـ"المسار الثاني"، أي في محادثات سرية أمريكية مع الإيرانيين.

قال بناء على ما سمعه مباشرة من المسئولين الإيرانيين في هذه المحادثات أن "المسئولين الإيرانيين اجمعوا على أن العدو الحقيقي لإيران هو السعودية، داخل سوريا وخارجها".

وإضافة إلى هذا، نقل عن أحد المسئولين الإيرانيين قوله أن "للولايات المتحدة وإيران مصلحة مشتركة في إلحاق الهزيمة بالتحدي السعودي للولايات المتحدة".

هذا هو حال النظام الإيراني إذن – نظام روحاني الذي يقولون أنه معتدل - في نظرته إلى دول الخليج العربية.!

النظام الإيراني يعتبر أن عدوه الأول، ليس أمريكا ولا حتى "اسرائيل|، وإنما السعودية، وبالتالي كل دول الخليج العربية.

ليس هذا فحسب، بل أن هذا النظام يطرح على أمريكا التحالف معها من أجل "إنزال الهزيمة بالسعودية". ولنلاحظ جيداً هذا التعبير "هزيمة السعودية".

إذن، ليكن الأمر واضحاً بالنسبة لنا.

حين يقول المسئولون الإيرانيون أنهم يريدون فتح صفحة جديدة مع الدول العربية المجاورة، وتحسين العلاقات، فهم يكذبون عن عمد.

وحين يقولون أنهم لا يريدون لعلاقاتهم الجديدة مع أمريكا والغرب أن تكون على حساب الجيران، فهم يكذبون عن عمد.

هذا النظام الإيراني لا يضمر لنا إلا كل نوايا وخطط الشر والعدوان.

ولهذا، الذين يطالبون دول الخليج العربية بأن تأمن لإيران وتطمئن إليها الآن، يطالبون هذه الدول بارتكاب جريمة.

نعم.. أن نأمن لإيران.. جريمة.. جريمة بحق دولنا ومصالحنا.

- أن نأمن لإيران معناه أن نتجاهل، كما البلهاء أو الغافلين، خطرها العدواني الداهم.

- أن نأمن لإيران، وأن نغض النظر عن مخاطر علاقاتها الجديدة مع أمريكا، معناه أن نسلّم رقابنا، ورقاب دولنا ومجتمعاتنا إلى قوى الشر والعدوان في طهران، وفي واشنطن أيضاً.

5/2/2014