احتفالية أمريكية جديدة بالطائفيين في البحرين

السيد زهره

ما من مرة يتحدث فيها مسئول أمريكي عن البحرين، إلا ويؤكد علاقات التحالف الاستراتيجي والصداقة، والحرص على امن البحرين واستقرارها ودعم تجربتها الديمقراطية.. وهكذا.

وعبثا نحاول جاهدين ان نصدقهم. وعبثا ايضا نحاول ان نقنع انفسنا بأن امريكا تسعى فعلا الى ان تنصف البحرين وتجربتها.

نقول عبثا، لأنه منذ ان اندلعت الأحداث الطائفية قبل ثلاث سنوات، حتى يومنا هذا، لم نجد من امريكا في الواقع العملي الا ما يثبت تآمرها على البحرين, وليس هناك تجسيد لهذا التآمر أكبر وأوضح من الدعم الأمريكي للقوى الطائفية في البحرين، واحتضانها واحتضان مشروعها الذي هو في جوهره مشروع طائفي لهدم الدولة.

التآمر الأمريكي على البحرين، على امتداد السنوات الثلاث الماضية، هو عرض مستمر، نتابع فصوله فصلا بعد فصل، ومشاهده، مشهدا بعد مشهد.

نقول هذا بمناسبة آخر صور الدعم من منظمات ومؤسسات امريكية للطائفيين في البحرين.

الذي حدث انه تم الإعلان قبل يومين عن ندوة سوف يتم تنظيمها في قاعة من قاعات احد مباني الكونجرس الأمريكي في 12 فبراير الحالي عن الأوضاع الحالية في البحرين.

ملاحظتان مبدئيا على هذا الحدث.

الأولى، ينظم هذه الندوة او الحلقة النقاشية جهتان مشبوهتان من حيث مواقفهما من البحرين والدور الذي لعبتاه في السنوات الماضية، هما «مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط، بوميد، وما يسمى بمركز امريكيون من اجل الديمقراطية وحقوق الانسان في البحرين». والجهة الاولى هي مشروع انشأته مؤسسات ومنظمات رسمية امريكية، وهو الذي قاد طوال السنوات الماضية حملة تشويه الاوضاع في البحرين والتحريض عليها واحتضان القوى الطائفية. والجهة الثانية، لعبت الدور نفسه.

والثانية، انه في التعريف المنشور عن الندوة وما ستناقشه يتضح بالطبع التحامل على البحرين، والنية المسبقة لدعم مواقف القوى الطائفية والترويج لها. فهم يشيرون مثلا الى انه رغم مرور عامين على صدور توصيات تقرير بسيوني، فإن الحكومة البحرينية لم تنفذ الا القليل جدا منها، وانها اضاعت فرصة لاستخدام التقرير كجسر نحو الإصلاح السياسي.

ومع ذلك، ليست هناك مشكلة من حيث المبدأ في ان تناقش أي جهة امريكية الأوضاع في البحرين، وان تناقش مثلا الحوار الحالي وما يمكن ان يقود اليه، والمفروض ان هذا موضوع اساسي للندوة.

لكن المفترض حين يطرح الوضع في البحرين للنقاش ان يكون الهدف هو محاولة الفهم والتقييم الموضوعي قدر الإمكان، ومحاولة الوقوف على مختلف المواقف ووجهات النظر المطروحة، ومختلف جوانب القضية، سواء تعلق الأمر بالحوار او الاصلاح او اي قضية اخرى.

ومثل هذا الطرح المتوازن او الذي ينشد ولو حدا ادنى من الموضوعية غير وارد على الاطلاق بالنسبة إلى هؤلاء.

ويكفي لإدراك ذلك ان نتساءل : من المدعوون للمشاركة في هذه الندوة كي يمثلوا البحرين ويتحدثوا عن الأوضاع فيها؟

المدعوون للحديث وتمثيل البحرين اثنان فقط هما، مريم الخواجه، ورضي الموسوي. وبالاضافة اليهما سوف يدير الندوة حسين عبدالله، وهو بحريني مدير المركز المسمى «امريكيون من اجل الديمقراطية وحقوق الانسان في البحرين».

أي ان المدعوين للمشاركة هم فقط ممثلون لقوى المعارضة الطائفية في البحرين ولا أحد غيرهم.

السؤال البديهي هو : واين ممثلو القوى ووجهات النظر الأخرى؟

لماذا لم يتم دعوة ممثلين للحكومة مثلا، او من تجمع الوحدة الوطنية او القوى الوطنية الأخرى؟

الجواب مفهوم تماما.

مثل هذه المنظمات والمراكز والمؤسسات الأمريكية لا تريد اصلا معرفة الحقيقة عما يجري في البحرين. لا يريدون محاولة الفهم الموضوعي لما يجري. لا يريدون تقديم أي طرح او موقف يتحلى ولو بقدر ضئيل من الموضوعية. لا يريدون الوقوف على مختلف المواقف والآراء ووجهات النظر المطروحة فعلا على الساحة البحرينية.

هم لا يريدون هذا. يريدون فقط الترويج للقوى الطائفية في البحرين ولمشروعها. يريدون فقط تشويه الأوضاع في البحرين. يريدون للرأي العام في امريكا الا يعرف عن البحرين الا ما تقدمه القوى الطائفية وما تراه.

هم باختصار يريدون بعقد مثل هذه الندوة او الحلقة النقاشية ان تكون بمثابة احتفالية جديدة بالقوى الطائفية في البحرين وبمشروعها الطائفي.

نقول احتفالية اخرى جديدة، لأن هذا هو ما يفعلونه بالضبط على امتداد السنوات الثلاث الماضية. احتفالياتهم هذه بالطائفيين، وتشويههم للأوضاع في البحرين، هو كما قلت عرض مستمر لا يتوقف.

9/2/2014