"حالش" نهاية أكذوبة

خيبة أمل الشعب السوري من تغير موقف "حزب الله" الذي سوق نفسه على أنه نصير المظلومين، رافقتها خيبة أمل عربية وإسلامية تمثلت في النفور من الحزب، واتهامه بالإرهاب.

ثائر الزعزوع

نحت السوريون بناء على التطورات التي شهدتها الساحة مؤخراً مصطلحاً جديداً يضاف إلى مجموعة المصطلحات التي دخلت الساحة السورية خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وقد اختصروا "حزب الله" اللبناني بتسمية "حالش"، اختصارا لـ"حزب الله الشيعي" مسقطين عنه تسمية اللبناني، وهو إسقاط موفق كون الحزب لا يعد بأي حال من الأحوال حزباً لبنانياً، فهو حزب إيراني ذو توجه طائفي ينتظم ضمن حلف تقوده طهران يشكل ما يسمى بحلف المقاومة الذي بات مثار سخرية لا لدى السوريين فحسب بل لدى جميع متابعي الحدث السوري.

وقد أدى نشيد "احسم نصرك في يبرود" الذي تبناه الحزب وقناة "المنار" التابعة له دوراً في إسقاط الحزب وأمينه العام في مستنقع التطرف المقيت الذي كانت "داعش" قد وقعت فيه من قبل، وكلاهما كما تؤكد تقارير دولية ومعلومات من الداخل السوري يتبعان بطريقة أو بأخرى لـ"ولاية الفقيه" في طهران، تلك التي لم يجد قائد "حرسها الثوري" حرجاً في أن يعلن أن حربهم في سوريا هي حرب ضد أعداء إيران، دون أن يكلف نفسه عناء تسمية أولئك الأعداء أو تصنيفهم.

وكان لخطابات الأمين العام لتنظيم "حالش" أثر كبير في استفزاز مشاعر السوريين، وهي نفسها الخطابات التي كانت إبان ما يعرف بحرب تموز، ملهمة للجماهير البسيطة، ووقتها كانت قطر، تسعى إلى إيجاد مكان لها في "حلف الممانعة"، فعملت قناة "الجزيرة" مطولاً على التسويق لـ"نصر الله"، من خلال عرض فيلم وثائقي عنه، ونقل خطاباته باحتفاء كبير، وقد تغيرت المعادلة بأسرها مع اندلاع الثورة السورية، وإعلان الحزب وأمينه العام أن ما يحدث في سوريا هو حربهم التي كانوا ينتظرونها.

ولعل خيبة أمل الشعب السوري من تغيّر موقف "حزب الله" الذي سوق نفسه على أنه "نصير المظلومين المستضعفين"، رافقتها، خيبة أمل عربية وإسلامية تمثلت في النفور من الحزب، واتهامه بالإرهاب لا على مستوى شعبي فقط، بل على مستوى رسمي، وقد اتخذت دول مجلس التعاون الخليجي خطوة متقدمة بهذا الخصوص فأعلنت الحزب منظمة إرهابية في منطقة الخليج، وخاصة بعد ثبوت تورط الحزب في تدريب وتصدير العناصر القتالية إلى مملكة البحرين التي شهدت منذ شباط عام 2014 اضطرابات تم تغذيتها إيرانياً واستثمارها لغاية في نفس يعقوب الإيراني الذي يعتبر البحرين جزءاً من "إمبراطوريته" التي لم تغير عمامة الملالي شيئاً من أحلامها. كما ثبت تورط الحزب المذكور في الأحداث التي شهدتها مصر إبان ثورة 25 يناير 2011، واليوم يحاكم بعض أعضاء "حالش" في قضية اقتحام السجون والهروب من وادي النطرون، وهي القضية التي تم اتهام عناصر من حركة "حماس" بالتورط فيها، وقد نشأ في وقت من الأوقات تحالف بين "حماس" و"حالش" برعاية إيرانية سورية، لكن ذلك التحالف انهار بسبب مشاركة "حالش" في القتال مع قوات الأسد ضد المتظاهرين في سوريا. وبهذا فقد الحزب حليفاً مهما على الساحة الفلسطينية، وهي الساحة التي لا ينفك أمينه العام يتاجر بها، ويبشر بتخليص الفلسطينيين من الاحتلال.

وأما لبنانياً، فليس من الصدفة اندلاع حرب تموز 2006 في الوقت الذي كانت فيه أصابع الاتهام تشير إلى تورط النظام السوري باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، وقد وجد الحزب نفسه وقتها مضطراً للتعاطي مع الداخل اللبناني لا بوصفه من القوة العسكرية والأمنية الحاكمة في لبنان، ولكن لكونه حزباً من بين أحزاب تتنافس في لعبة سياسية، ولكن الحرب التي قاد الحزب لبنان إليها أدت عكس المأمول منها، فانحصرت شعبية الحزب داخل الضاحية الجنوبية، لكنها أظهرت وجهاً جديداً له هو وجه (الشبيح) الذي يضرب كل من يخالفه الرأي، وهكذا تهاوت الصورة التي كان "حزب الله" يسعى إلى رسمها لنفسه، وبقيت منه فقط ذكريات عملياته التي ينفذها مقاتلوه في سوريا.

- كاتب سوري

"العرب" لندن 3/3/2014